Page 157 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 157
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وھكذا حين نشب الخلاف بين عل ّي ومعاوية ،نرى قيسا يخلوبنفسه ،ويبحث عن الحق من خلال
اقتناعه ،حتى اذا ما رآه مع عل ّي ينھض الى جواره شامخا ،قويا مستبسلا..
وفي معارك صفّين ،والجمل ،ونھروان ،كان قيس أحد أبطالھا المستبسلين..
كان يحمل لواء الأنصار وھو يصيح:
ھذا اللواء الذي كنا نخ ّف به
مع النبي وجبريل لنا مدد
ما ض ّر من كانت الأنصار عيبته
ألا يكون له من غيرھم أحد
ولقد ولاه الامام عل ّي حكم مصر..
وكانت عين معاوية على مصر دائما ...كان ينظر اليھا كأثمن د ّرة في تاجه المنتظر...
من أجل ذلك لم يكد يرى قيسا يتولى امارتھا حتى ج ّن جنونه وخشي أن يحول قيس بينه وبين مصر
الى الأبد ،حتى لو انتصر ھو على الامام عل ّي انتصارا حاسما..
وھكذا راح بكل وسائله الماكرة ،وحيله التي لا تحجم عن أمر ،يد ّس عند علي ض ّد قيس ،حتى استدعاه
الامام منمصر..
وھنا وجد قيس فرصة سعيدة ليستكمل ذكاءه استعمالا مشروعا ،فلقد أدرك بفطنته أن معاوية لعب
ض ّده ھذه اللعبة بعد أن فشل في استمالته الى جانبه ،لكي يوغر صدره ض ّد الامام علي ،ولكي يضائل من
ولائه له ..واذن فخير رد على دھاء معاوية ھو المزيد من الولاء لعل ّي وللحق الذي يمثله عل ّي ،والذي
ھو في نفس الوقت مناط الاقتناع الرشيد والأكيد لقيس بن سعد بن عبادة..
وھكذا لم يحس لحظة أن عليّا عزله عن مصر ..فما الولاية ،وما الامارة ،وما المناصب كلھا عند قيس الا
أدوات يخدم بھا عقيدته ودينه ..ولئن كانت امارته على مصر وسيلة لخدمة الحق ،فان موقفه بجوار
عل ّي فوق أرض المعركة وسيلة أخرى لا تقل أھميّة ولا روعة..
**
وتبلغ شجاعة قيس ذروة صدقھا ونھاھا ،بعد استشھاد عل ّي وبيعة الحسن..
لقد اقتنع قيس بأن الحسن رضي ﷲ عنه ،ھو الوارث الشرعي للامامة فبايعه ووقف الى جانبه غير ملق
الى الأخطار وبالا..
وحين يضط ّرھم معاوية لامشاق السيوف ،ينھض قيس فيقود خمسة آلاف من الذين حلقوا رؤوسھم
حدادا على الامام علي..
ويؤثر الحسن أن يض ّمد جراح المسلمين التي طال شحوبھا ،ويضع ح ّدا للقتال المفني المبيد فيفاوض
معاوية ثم يبايعه..
ھنا يدير قيس خواطره على المسألة من جديد ،فيرى أنه مھما يكن في موقف الحسن من الصواب ،فان
لجنود قيس في ذ ّمته حق الشورى في اختيار المصير ،وھكذا يجمعھم ويخطب فيھم قائلا:
157