Page 145 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 145
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وامتازوا جميعا..
مضى المھاجرون تحت راياتھم ،والأنصار تحت رايتھم " وكل بني أب على رايتھم".
وھكذا صار واضحا تماما ،من أين تجيء الھزيمة حين تجيء واشتعلت الأنفس حماسة ،اتّقدت مضاء،
وامتلأت عزما وروعة..
وخالد بين الحين والحين ،يرسل تكبيرة أو تھليلة أو صيحة يلقى بھا امرا ،فتتح ّول سيوف جيشه الى
مقادير لا را ّد لأمرھا ،ولا مع ّوق لغاياتھا..
وفي دقائق معدودة تح ّول اتجاه المعركة وراح جنود مسيلمة يتساقطون بالعشرات ،فالمئات فالألوف،
كذباب خنقت أنفاس الحياة فيه نفثات مطھر صاعق مبيد!!..
لقد نقل خالد حماسته كالكھرباء الى جنوده ،وحلّت روحه في جيشه جميعا ..وتلك كانت احدى خصال
عبقريّته الباھرة..
وھكذا سارت أخطر معارك الردة وأعنف حروبھا ،وقتل مسيلمة..
وملأت جثث رجاله وجيشه أرض القتال ،وطويت تحت التراب الى الأبد راية ال ّدع ّي الكذاب..
**
وفي المدينة صلى الخليفة لربه الكبير المتعال صلاة الشكر ،اذ منحھم ھذا النصر ،وھذا البطل..
وكان أبو بكر قد أدرك بفطنته وبصيرته ما لقوى الشر الجاثمة وراء حدود بلاده من دور خطير في تھديد
مصير الاسلام واھله ..الفرس في العراق ..والروم في بلاد الشام..
امبرطوريتان خرعتان ،تتشبثان بخيوط واھنة من حظوظھما الغاربة وتسومان الناس في العراق وفي
الشام سوء العذاب ،بل وتسخرھم ،وأكثرھم عرب ،لقتال المسلمين العرب الذين يحملون راية الدين
الجديدة ،يضربون بمعاوله قلاع العالم القديم كله ،ويجتثون عفنه وفساده!..
ھنالك أرسل الخليفة العظيم المبارك توجيھاته الى خالد أن يمضي بجيشه صوب العراق..
ويمضي البطل الى العراق ،وليت ھذه الصفحات كانت تتسع لتتبع مواكب نصره ،اذن لرأينا من أمرھا
عجبا.
لقد استھ ّل عمله في العراق بكتب أرسلھا الى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه..
" بسم ﷲ الرحمن الرحيم
من خالد بن الوليد ..الى مرازبة فارس..
يلام على من اتبع الھدى
أما بعد ،فالحمد الذي ف ّض خدمكم ،وسلب ملككم ،وو ّھن كيدكم
من صلى صلاتنا ،واستقبل قبلتنا ،واكل ذبيحتنا فذلكم المسلم ،له ما لنا وعليه ما علينا
اذا جاءكم كتابي فابعثوا ال ّي بالرھن واعتقدوا مني الذ ّمة
والا ،فوالذي لا اله غيره لأبعثن اليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة"!!..
وجاءته طلائعه التي بثھا في كل مكان بأنباء ال ّزخوف الكثيرة التي يعدھا له ق ّواد الفرس في العراق،
فلم يضيّع وقته ،وراح يقذف بجنوده على الباطل ليدمغه ..وطويت له الأرض طيّا عجيبا.
145