Page 186 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 186
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ورأى زميلھم الثالث بداية الغدر ،فقرر أن يموت حيث مات عاصم واخوانه..
واستشھد حيث أراد..
وھكذا قضى ثمانية من أعظم المؤمنين ايمانا ،وأب ّرھم عھدا ،وأوفاھم ولرسوله ذ ّمة!!..
وحاول خبيب وزيد أن يخلصا من وثاقھما ،ولكنه كان شديد الاحكام.
وقادھما الرماة البغاة الى مكة ،حيث باعوھما لمشركيھا..
ود ّوى في الآذان اسم خبيب..
وتذ ّكر بنوالحارث بن عامر قتيل بدر ،تذ ّكروا ذلك الاسم جيّدا ،وح ّرك في صدورھم الأحقاد.
وسارعوا الى شرائه .ونافسھم على ذلك بغية الانتقام منه أكثر أھل مكة ممن فقدوا في معركة بدر
آباءھم وزعماءھم.
وأخيرا تواصوا عليه جميعا وأخذوا يع ّدون لمصير يشفي أحقادھم ،ليس منه وحده ،بل ومن جميع
المسلمين!!..
وضع قوم أخرون أيديھم على صاحب خبيب زيد بن ال ّدثنّة وراحوا يصلونه ھو الآخر عذابا..
**
أسلم خبيب قلبه ،وأمره،ومصيره رب العالمين.
وأقبل على نسكه ثابت النفس ،رابط الجأش ،معه من سكينة ﷲ التي افاءھا عليه ما يذيب الصخر،
ويلاشي الھول.
كان ﷲ معه ..وكان ھو مع ﷲ..
كانت يد ﷲ عليه ،يكاد يجد برد أناملھا في صدره!..
دخلت عليه يوما احدى بنات الحارث الذي كان أسيرا في داره ،فغادرت مكانه مسرعة الى الناس تناديھم
لكييبصروا عجبا..
" وﷲ لقد رأيته يحمل قطفا كبيرا من عنب يأكل منه..
وانه لموثق في الحديد ..وما بمكة كلھا ثمرة عنب واحدة..
ما أظنه الا رزقا رزقه ﷲ خبيبا"!!..
أجل آتاه ﷲ عبده الصالح ،كما آتى من قبل مريم بنت عمران ،يوم كانت:
) كلما دخل عليھا زكريا المحراب وجد عندھا رزقا..
قال يا مريم أنّى لك ھذا
قالت ھو من عند ﷲ ان ﷲ يرزق من يشاء بغير حساب(..
**
وحمل المشركون الى خبيب نبأ مصرع زميله وأخيه زيد رضي ﷲ عنه.
ظانين أنھم بھذا يسحقون أعصابه ،ويذيقونه ضعف الممات وما كانوا يعلمون أن ﷲ الرحيم قد
استضافه ،وأنزل عليه سكينته ورحمته.
186

