Page 190 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 190
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
أيسكت ويطوي صدره ما سمع؟
كيف؟؟
وأين ولاؤه ووفاؤه للرسول الذي ھداھم ﷲ به من ضلالة ،وأخرجھم من ظلمة..؟
لكن حيرته لم تطل ،فصدق النفس يجددائما لصاحبه مخرجا..
وعلى الفور تص ّرف عمير كرجل قوي ،وكمؤمن تقي..
فوجه حديثه الى جلاس بن سويد..
" وﷲ يا جلا ،انك لمن أحب الناس الي ،وأحسنھم عندي يدا ،وأعزھم عل ّي أن يصيبه شيء يكرھه..
ولقد قلت الآن مقالة لو أذعتھا عنك لآذتك ..وان صم ّت عليھا ،ليھلكن ديني ،وان حق الدين لأولى
بالوفاء ،واني مبلغ رسول ﷲ ما قلت"!..
وأرضى عمير ضميره الورع تماما..
فھو أولا أ ّدى أمانة المجلس حقھا ،وارتفع بنفسه الكبيرة عن ان يقوم بدور المتس ّمع الواشي..
وھو ثانيا أدى لدينه حقه ،فكشف عن نفاق مريب..
وھو ثالثا أعطى جلاس فرصة للرجوع عن خطئه واستغفار ﷲ منه حين صارحه بأنه سيبلغ الرسول
صلى ﷲ عليه وسلم ،ولو أنه فعل آنئذ ،لاستراح ضمير عمير ولم تعد به حاجة لابلاغ الرسول عليه
السلام..
بيد أن جلاسا أخذته العزة بالاثم ،ولم تتحرك شفتاه بكلمة أسف أو اعتذار ،وغادرھم عمير وھو يقول:
" لأبلغ ّن رسول ﷲ قبل أن ينزل وحي يشركني في اثمك"...
وبعث رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في طلب جلاس فأنكر أنه قال ،بل حلف با كاذبا!!..
لكن آية القرآن جاءت تفصل بين الحق والباطل:
) يحلفون با ما قالوا ..ولقد قالوا كلمة الكفر ،وكفروا بعد اسلامھم ،وھ ّموا بما لم ينالوا ..وما نقموا الا
أن أغناھم ﷲ ورسوله من فضله ..فان يتوبوا خيرا لھم ،وان يتولوا يعذبھم ﷲ عذابا أليما في الدنيا
والآخرة،وما لھم في الأرض من ولي ولا نصير(..
واضطر جلاس أن يعترف بمقاله ،وأن يعتذر عن خطيئته ،لا سيما حين رأى الآية الكريمة التي تقرر
ادانته ،تعده في نفس اللحظة برحمة اله ان تاب ھو وأقلع:
" فان يتوبوا ،يك خيرا لھم"..
وكان تص ّرف عمير ھذا خيرا وبركة على جلاس فقد تاب وحسن اسلامه..
وأخذ النبي بأذن عمير وقال له وھو يغمره بسناه:
" يا غلام..
وفت اذنك..
وص ّدقك ربك"!!..
**
لقد سعدت بلقاء عمير لأول مرة ،وأنا أكتب كتابي بين يدي عمر.
190