Page 191 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 191

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

 ‫وبھرني‪ ،‬كما لم يبھرني شيء‪ ،‬نبأه مع أمير المؤمنين‪ ..‬ھذا النبأ الذي سأرويه الآن لكم‪ ،‬لتشھدوا من‬
                                                                 ‫خلاله العظمة في أبھى مشارقھا‪..‬‬

                                              ‫**‬

                ‫تعلمون أن أمير المؤمنين عمر رضي ﷲ عنه كان يختار ولاته وكأنه يختار قدره‪!!..‬‬
     ‫كان يختارھم من الزاھدين الورعين‪ ،‬والأمناء الصادقين‪ ..‬الذين يھربون من الامارة والولاية‪ ،‬ولا‬

                                                    ‫يقبلونھا الا حين يكرھھم عليھا أمير المؤمنين‪..‬‬
 ‫وكان برغم بصيرته النافذة وخبرته المحيطة يستأني طويلا‪ ،‬ويدقق كثيرا في اختيار ولاته ومعاونيه‪..‬‬

                                                               ‫وكان لا يفتأ يردد عبارته المأثورة‪:‬‬
 ‫" أريد رجلا اذا كان في القوم‪ ،‬وليس أميرا عليھم بدا وكأنه أميرھم‪ ..‬واذا كان فيھم وھو عليھم امير‪،‬‬

                                                                          ‫بدا وكأنه واحد منھم‪!!..‬‬
                       ‫أريد واليا‪ ،‬لا يميز نفسه على الناس في ملبس‪ ،‬ولا في مطعم‪ ،‬ولا في مسكن‪..‬‬
         ‫يقيم فيھم الصلاة‪ ..‬ويقسم بينھم بالحق‪ ..‬ويحكم فيھم بالعدل‪ ..‬ولا يغلق بابه دون حوائجھم"‪..‬‬
                  ‫وفي ضوء ھذه المعايير الصارمة‪ ،‬اختار ذات يوم عمير بن سعد واليا على حمص‪..‬‬
    ‫وحاول عمير أن يخلص منھا وينجو‪ ،‬ولكن أمير المؤمنين ألزمه بھا الزاما‪ ،‬وفرضھا عليه فرضا‪..‬‬

                                                          ‫واستخار ﷲ ‪،‬ومضى الى واجبخ وھمله‪..‬‬
                                  ‫وفي حمص مضى عليه عام كامل‪ ،‬لم يصل الى المدينة منه خراج‪..‬‬

                                               ‫بل ولم يبلغ أمير المؤمنين رضي ﷲ عنه منه كتاب‪..‬‬
                                                              ‫ونادى أمير المؤمنين كاتبه وقال له‪:‬‬
                                                                   ‫" اكتب الى عمير ليأتي الينا"‪..‬‬

           ‫وھنا أستأذنكم في أن أنقل صورة اللقاء بين عمر وعمير‪ ،‬كما ھي في كتابي بين يدي عمر‪.‬‬
‫" ذات يوم شھدت شوارع المدينة رجلا أشعث أغبر‪ ،‬تغشاه وعثاء السفر‪ ،‬يكاذ يقتلع خطاه من الأرض‬

                                             ‫اقتلاعا‪ ،‬من طول ما لاقى من عناء‪ ،‬وما بذل من جھد‪..‬‬
                                                                 ‫على كتفه اليمنى جراب وقصعة‪..‬‬

                                                      ‫وعلى كتفه اليسرى قربة صغيرة فيھا ماء‪!..‬‬
                                          ‫وانه ليتوكأ على عصا‪ ،‬لا يؤدھا حمله الضامر الوھنان‪!!..‬‬

                                                           ‫ودلف الى مجلس عمر فى خطى وئيدة‪..‬‬
                                                                   ‫السلام عليك يا امير المؤمنين‪..‬‬

                                ‫ويرد عمر السلام‪ ،‬ثم يسأله‪ ،‬وقد آلمه ما رآه عليه من جھد واعياء‪:‬‬
                                                                             ‫ما شأنك يا عمير‪..‬؟؟‬

               ‫شأني ما ترى‪ ..‬ألست تراني صحيح البدن‪ ،‬طاھر الدم‪ ،‬معي الدنيا أج ّرھا بقرنيھا‪..‬؟؟!!‬
                                                                            ‫قال عمر‪ :‬وما معك‪..‬؟‬

                                                          ‫قال عمير‪ :‬معي جرابي أحمل فيه زادي‪..‬‬
‫وقصعتي آكل فيھا‪ ..‬واداوتي أحمل فيھا وضوئي وشرابي‪ ..‬وعصاي أتوكأ عليھا‪ ،‬وأجاھد بھا عد ّوا ان‬

                                                         ‫عرض‪ ..‬فوﷲ ما الدنيا الا تبع لمتاعي‪!!..‬‬

                                                             ‫‪191‬‬
   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196