Page 196 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 196
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فلأن يحمل زيد فوق كاھله جبلا ،أو جبالا ،أرضى لنفسه من أن يخطئ أدنى خطأ ،في نقل آية أو اتمام
سورة..
كل ھول يصمد له ضميره ودينه ..الا خطأ كھذا مھما يكن ضعيفا وغير مقصزد..
ولكن توفيق ﷲ كان معه ،كان معه كذلك وعده القائل:
) انا نحن نزلنا الذكر وان له لحافظون(..
فنجح في مھمته ،وأنجز على خير وجه مسؤوليته وواجبه.
**
كانت ھذه ھي المرحلة الأولى في جمع القرآن..
بيد أنه جمع ھذه المرة مكتوبا في أكثر من مصحف..
وعلى لرغم من أن مظاھر التفاوت والاختلاف بين ھذه المصاحف كانت شكلية ،فان التجربة أ ّكدت
لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وجوب توحيدھا جميعھا في مصحف واحد.
ففي خلافة عثمان رضي ﷲ عنه ،والمسلمون يواصلون فتوحاتھم وزحوفھم ،مبتعدين عن المدين،
مغتربين عنھا..
في تلك الأيام ،والاسلام يستقبل كل يوم أفواجا تلو أفواج من الداخلين فيه ،المبايعين اياه ،ظھر جليّا ما
يمكن أن يفضي اليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة
الأقدمين والأولين..
ھنالك تقدم الى الخليفة عثمان فريق من الأصحاب رضي ﷲ عنھم على رأسھم حذيفة بن اليمان مفسرين
الضرورة التي تحتم توحيد المصحف..
واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه..
وكما استنجد أبو بكر الصديق من قبل بزيد بن ثابت ،استنجد به عثمان أيضا..
فجمع زيد أصحابه وأعوانه ،وجاؤوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر رضي ﷲ عنھا ،وكانت
محفوظة لديھا ،وباشر ويد وصحبه مھمتھم العظيمة الجليلة..
كان كل الذين يعونون زيدا من كتاب الوحي ،ومن حفظة القرآن..
ومع ھذا فما كانوا يختلفون ،وقلما كانوا يختلفون ،الا جعلوا رأي زيد وكلمته ھي الحجة والفيصل.
**
والآن نحن نقرأ القرآن العظيم مي ّسرا ،أو نسمعه مرتلا ،فان الصعوبات الھائلة التي عاناھا الذين
اصطنعھم ﷲ لجمعه وحفظه لا تخطر لنا على بال!!..
تماما مثل الأھوال التي كابدوھا ،والأرواح التي بذلوھا ،وھم يجاھدون في سبيل ﷲ ،ليق ّروا فوق الأرض
دينا قيّما ،وليبددوا ظلامھا بنوره المبين..
خالد بن سعيد
196