Page 197 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 197

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                     ‫فدائ ّي‪ ،‬من الرعيل الأول‬

    ‫في بيت وارف النعمة‪ ،‬مزھو بالسيادة‪ ،‬ولأب له في قريش صدارة وزعامة‪ ،‬ولد خالد بن سعيد بن‬
                    ‫العاص‪ ،‬وان شئتم مزيدا من نسبه فقولوا‪ :‬ابن اميّة بن عبد شمس بن عبد مناف‪..‬‬

‫ويوم بدأت خيوط النور تسري في أنحاء مكة على استحياء‪ ،‬ھامسة بأن محمدا الأمين يتحدث عن وحي‬
   ‫جاءه في غار حراء‪ ،‬وعن رسالة تلقاھا من ﷲ ليبلغھا الى عباده‪ ،‬كان قلب خالد يلقي للنور الھامس‬
                                                                              ‫سنعه وھو شھيد‪!!..‬‬

‫وطارت نفسه فرحا‪ ،‬كأنما كان وھذه الرسالة على موعد‪ ..‬وأخذ يتابع خيوط النور في سيرھا ومسراھا‪..‬‬
 ‫وكلما سمع ملأ من قومه يتحدثون عن الدين الجديد‪ ،‬جلس اليھم وأصغى في حبور مكتوم‪ ،‬وبين الحين‬

              ‫والحين يط ّعم الحديث بكلمة منه‪ ،‬أو كلمات تدفعه في طريق الذيوع‪ ،‬والتأثير‪ ،‬والايحاء‪!..‬‬
 ‫كان الذي يراه أنئذ‪ ،‬يبصر شابا ھادئ السمت‪ ،‬ذك ّي الصمت‪ ،‬بينما ھو في باطنه وداخله‪ ،‬مھرجان حافل‬

    ‫بلحركة والفرح‪ ..‬فيه طبول تدق‪ ..‬ورايات ترتفع‪ ..‬وأبواق تد ّوي‪ ..‬وأناشيد تصلي‪ ..‬وأغاريد تسبّح‪..‬‬
                                  ‫عيد بكل جمال العيد‪ ،‬وبھجة العيد وحماسة العيد‪ ،‬وضجة العيد‪!!!..‬‬

‫وكان الفنى يطوي علٮھذا العيد الكبير صدره‪ ،‬ويكتم س ّره‪ ،‬فان أباه لو علم أنه يحمل في سريرته كل ھذه‬
                                       ‫الحفاوة بدعوة محمد‪ ،‬لأزھق حياته قربانا لآلھة عبد مناف‪!!..‬‬

              ‫ولكن أنفسنا الباطنة حين تفعم بأمر‪ ،‬ويبلغ منھا ح ّد الامتلاء فانھا لا تمبك لافاضته دفعا‪..‬‬
                                                                                       ‫وذات يوم‪..‬‬

     ‫ولكن لا‪ ..‬فان انلاھر لم يطلع بعد‪ ،‬وخالد ما زال في نومه اليقظان‪ ،‬يعالج رؤيا شديدة الوطأة‪ ،‬حادة‬
                                                                              ‫التأثير‪ ،‬نفاذة العبير‪..‬‬

  ‫نقول اذن‪ :‬ذات ليلة‪ ،‬رأى خالد بن سعيد في نومه أنه واقف على شفير نار عظيمة‪ ،‬وأبوه من ورائه‬
‫يدفعه بكلتا يديه‪ ،‬ويريد أن يطرحه فيھا‪ ،‬ثم رأى رسول ﷲ يقبل عليه‪ ،‬ويجذبه بيمينه المباركة من ازاره‬

                                                                    ‫فيأخذه بعيدا عن النار واللھب‪..‬‬
‫ويصحو من نومه مز ّودا بخطة العمل في يومه الجديد‪ ،‬فيسارع من فوره الى دار أبي بكر‪ ،‬ويق ّص عليه‬

                                                        ‫الرؤيا‪ ..‬وما كانت الرؤيا بحاجة الى تعبير‪..‬د‬
                                                                                  ‫وقال له أبو بكر‪:‬‬

    ‫" انه الخير أريد لك‪ ..‬وھذا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فاتبعه‪ ،‬فان الااسلام حاجزك عن النار"‪.‬‬
  ‫وينطلق خالد باحثا عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حتى يھتدي الى مكانه فيلقاه‪ ،‬ويسأل النبي عن‬

                                                                       ‫دعوته‪ ،‬فيجيبه عليه السلام‪:‬‬
                                                            ‫" تؤمن با وحده‪ ،‬ولا تشرك به شيئا‪..‬‬
     ‫وتؤمن بمحمد عبده ورسوله‪ ..‬وتخلع عبادة الأوثان التي لا يسمع ولا تبصر‪ ،‬ولا تضر ولا تنفع"‪..‬‬
              ‫ويبسط خالد يمينه‪ ،‬فتلقاھا يمين رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في حفاوة‪ ،‬ويقول خالد‪:‬‬

                                                                     ‫" اني أشھد أن لا اله الا ﷲ‪...‬‬
                                                                   ‫وأشھد أن محمدا رسول ﷲ"‪!!..‬‬
                                                                  ‫وتنطلق أغاريد نفسه وأناشيدھا‪..‬‬
                                           ‫ينطلق لمھرجان كله الذي كان في باطنه‪ ..‬ويبلغ النبأ أباه‪.‬‬

                                                              ‫‪197‬‬
   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202