Page 200 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 200
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ولقد كنت وليته ثم رأيت غير ذلك..
وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ،فما أغبط أحد بالامارة!!..
وقد خيّرته في أمراء الجند فاختارك على ابن ع ّمه..
فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى رأي التقي الناصح ،فليكن أول من تبدأ به :أبو عبيدة بن الج ّراح ،ومعاذ
بن جبل ..وليك خالد بن سعيد ثالثا ،فانك واجد عندھم نصحا وخيرا..
واياك واستبداد الرأي دونھم ،أو اخفاءه عنھم"..
وفي موقعه مرج الصفر بأرض الشام ،حيث كانت المعارك تدور بين المسلمين والروم ،رھيبة ضارية،
كان في مقدمة الذين وقع أجرھم على اله ،شھيد جليل ،قطع طريق حياته منذ شبابه الباكر حتى لحظة
استشھاده في مسيرة صادقة مؤمنة شجاعة..
ورآه المسلمون وھم يفحصون شھداء المعركة ،كما كان دائما ،ھادئ الّمت ،ذكي الصمت ،قوي
التصميم ،فقاول:
" اللھم ارض عن خالد بن سعيد"!!..
أبو أيوب الأنصاري
انفروا خفافا وثقالا
كان الرسول عليه السلام يدخل المدينة مختتما بمدخله ھذا رحلة ھجرته الظافرة ،ومستھلا أيامه
المباركة في دار الھجرة التي ا ّدخر لھا القدر ما لم يدخره لمثلھا في دنيا الناس..
وسار الرسول وسط الجموع التي اضطرمت صفوفھا وأفئدتھا حماسة ،ومحبة وشوقا ...ممتطيا ظھر
ناقته التي تزاحم الناس حول زمامھا كل يريد أن يستضيف رسول ﷲ..
وبلغ الموكب دور بني سالم بن عوف ،فاعترضوا طريق الناقة قائلين:
" يا رسول ﷲ ،أقم عندنا ،فلدينا العدد والعدة والمنعة"..
ويجيبھم الرسول وقد قبضوا بأيديھم على زمام الناقة:
" خلوا سبيلھا فانھا مأمورة".
ويبلغ الموكب دور بني بياضة ،فح ّي بني ساعدة ،فحي بني الحارث بن الخزرج ،فحي عدي بن النجار..
وكل بني قبيل من ھؤلاء يعترض سبيل الناقة ،وملحين أن يسعدھم النبي عليه الصلاة والسلام بالنزول
في دورھم ..والنبي يجيبھم وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة:
" خلوا سبيلھا فانھا مأمورة..
لقد ترك النبي للمقادير اختيار مكان نزوله حيث سيكون لھا المنزل خطره وجلاله ..ففوق أرضه
سينھض المسجد الذي تنطلق منه الى الدنيا بأسرھا كلمات ﷲ ونوره ..والى جواره ستقوم حجرة أو
حدرات من طين وطوب ..ليس بھا من متاع الدنيا سوى كفاف ،أو أطياف كفاف!! سيسكنھا معلم،
ورسول جاء لينفخ الحياة في روحھا الھامد .وليمنح كل شرفھا وسلامھا للذين قالوا ربنا ﷲ ثم
استقاموا ..للذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانھم بظلم ..وللذين أخلصوا دينھم للله ..للذين يصلحون في الأرض
ولا يفسجون.
200