Page 204 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 204

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                             ‫كان الرسول يجلّه بقدر ما كان يحبه‪ ،‬وكان يمتدحه ويطري سجاياه قائلا‪:‬‬
                                                                              ‫" ھذه بقيّة آبائي"‪..‬‬

                                               ‫**‬

                                         ‫ھذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلھا"‪!!..‬‬
   ‫وكما كان حمزة ع ّم الرسول وتربه‪ ،‬كذلك كان العباس رضي ﷲ عنه فلم يكن يفصل بينھما في سنوات‬

                                 ‫العمر سوى سنتين أو ثلاث‪ ،‬تزيد في عمر العباس عن عمر الروسل‪..‬‬
                      ‫وھكذا كان محمد‪ ،‬والعباس عمه‪ ،‬طفلين من سن واحدة‪ ،‬وشابين من جيل واحد‪..‬‬
      ‫فلم تكن القرابةالقريبة وحدھا‪ ،‬آصرة ما بينھما من و ّد‪ ،‬بل كانت كذلك زمالة الس ّن‪،‬وصداقة العمر‪..‬‬
                ‫وشيء آخر نضعه معايير النبي في المكان الأول دوما‪ ..‬ذلك ھو خلق العباس وسجاياه‪..‬‬

                            ‫فلقد كان العباس ج ّوادا‪ ،‬مفرط الجود‪ ،‬حتى كأنه للمكلرم ع ّمھا أو خالھا‪!!..‬‬
                               ‫وكان وصولا للرحم والأھل‪ ،‬لا يض ّن عليھما بجھد ولا بجاه‪ ،‬ولا بمال‪...‬‬

  ‫وكان الى ھذه وتلك‪ ،‬فطنا الى ح ّد الدھاء‪ ،‬وبفطنته ھذه التي تعززھا مكانته الرفيعة في قريش‪ ،‬استطاع‬
               ‫أن يدرأ عن الرسول عليه الصلاة والسلام حين يجھر بدعوته الكثير من الأذى والسوء‪..‬‬

                                               ‫**‬

       ‫كان حمزة كما رأينا في حديثنا عنه من قبل يعالج بغي قريش‪ ،‬وصلف أبي جھا بسيفه الماحق‪..‬‬
       ‫أما العباس فكان يعالجھا بفطنة ودھاء أ ّديا للاسلام من لنفع مثلما أ ّدت السيوف المدافعة عن حقه‬

                                                                                         ‫وحماه‪!!..‬‬

  ‫فالعباس لم يعلن اسلامه الا عام فتح مكة‪ ،‬مما جعل بعض المؤرخين يعدونه مع الذين تأخر اسلامه‪..‬‬
     ‫بيد أن روايات أخرى من التاريخ تنبئ بأنه كان من المسلمين المب ّكرين‪ ،‬غير أنه كان يكتم اسلامه‪..‬‬
                                                   ‫يقول أبو رافع خادم الرسول صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬
     ‫" كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب‪ ،‬وكان الاسلام قد دخلنا أھل البيت‪ ،‬فأسلم العباس‪ ،‬وأسلمت أم‬
                                                    ‫الفضل‪ ،‬وأسلمت‪ ...‬وكان العباس يكتم اسلامه"‪..‬‬
                             ‫ھذه رواية أبو رافع يتحدث بھا عن حال العباس واسلامه قبل غزوة بدر‪..‬‬
                                                                           ‫كان العباس اذن مسلما‪..‬‬
      ‫وكان مقامه بمكة بعد ھجرة النبي صلى ﷲ عليه وسلم وصحبه خطة أدت غايتھا على خير نسق‪..‬‬

‫ولم تكن قريش تخفي شكوكھا في نوايا العباسو ولكنھا أيضا لم تكن تجد سبيلا لمحا ّدته‪ ،‬لا سيما وھو في‬
                                                        ‫ظاھر أمره على ما يرضون من منھج ودين‪..‬‬

                       ‫حتى اذا جاءت غزوة بدر رأتھا قريش فرصة تبلو بھا سريرة العباس وحقيقته‪..‬‬
   ‫والعباس أدھى من أن يغفل عن اتجاھات ذلك المكر السيء الذي تعالج به قريش حسراتھا‪ ،‬وتنسج به‬

                                                                                       ‫مؤامراتھا‪..‬‬

                                                               ‫‪204‬‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209