Page 208 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 208

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

      ‫والمسلمون في آخر المطاف بشر‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فقد ضعفوا امام الزھو الذي ابتعثته كثرتھم ونظامھم‪،‬‬
                                                                          ‫وانتصارھم بمكة‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
                                                                        ‫" لن نغلب اليوم عن قلة"‪.‬‬

     ‫ولما كانت السماء تع ّدھم لغاية أج ّل من الحرب وأسمى‪ ،‬فان ركونھم الى قوتھم العسكرية‪ ،‬وزھزھم‬
                  ‫بانتصارھم الحربي‪ ،‬عمل غير صالح ينبغي أن يبرؤا منه سريعا‪ ،‬ولو بصدمة شافية‪..‬‬

 ‫وكانت الصدمة الشافية ھزيمة كبرى مباغتة في أول القتال‪ ،‬حتى اذا ضرعوا الى ﷲ‪ ،‬وبرؤا من حولھم‬
           ‫الى حوله‪ ،‬ومن قوتھم الى قوته‪ ،‬انقلبت الھزيمة نصرا‪ ،‬ونزل القرآن الكريم يقول للمسلمين‪:‬‬

  ‫)‪ ..‬ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا‪ ،‬وضاقت الأرض بما رحبت‪ ،‬ثم وليتم مدبرين‪ .‬ثم‬
 ‫أنزل ﷲ سكينته على رسوله وعلى المؤمنين‪ ،‬وأنزل جنودا لم تروھا‪ ،‬وعذب الذين كفروا‪ ،‬وذلك جزاء‬

                                                                                        ‫الكافرين(‪..‬‬

                              ‫كان صوت العباس يومئذ وثباته من ألمع مظاھر السكينة والاستبسال‪..‬‬
‫فبينما كان المسلمون مجتمعين في أحد أودية تھامة ينتظرون مجيء عد ّوھم‪ ،‬كان المشركون قد سبقوھم‬

        ‫الى الوادي وكمنوا لھم في شعابه وأحنائه‪ ،‬شاحذين أسلحتھم‪ ،‬ممسكين زمام المبادرة بأيديھم‪..‬‬
  ‫وعلى حين غفلة‪ ،‬انق ّضوا على المسلمين في مفاجأة مذھلة‪ ،‬جعلتھم يھرعون بعيدا‪ ،‬لا يلوي أحد على‬

                                                                                             ‫أحد‪..‬‬
   ‫ورأى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ما أحدثه الھجوم المفاجئ الخاطف على المسلمين‪ ،‬فعلا صھوة‬

                                                                            ‫بغلته البيضاء‪ ،‬وصاح‪:‬‬
                                                                          ‫" الى أين أيھا الناس‪..‬؟؟‬

                                                                                       ‫ھلموا ال ّي‪..‬‬
                                                                                  ‫أنا النبي لا كذب‪..‬‬
                                                                             ‫انا ابن عبد المطلب"‪..‬‬
‫لم يكن حول النبي ساعتئذ سوى أبي بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعلي بن أبي طالب‪ ،‬والعباس بن عبد المطلب‪ ،‬وولده‬
     ‫الفضل بن العباس‪ ،‬وجعفر بن الحارث‪ ،‬وربيعة بن الحارث‪ ،‬وأسامة بن زيد‪ ،‬وأيمن بن عبيد‪ ،‬وقلة‬
                                                                              ‫أخرى من الأصحاب‪..‬‬
                                            ‫وكان ھناك سيدة أخذت مكانا عاليا بين الرجال والأبطال‪..‬‬
                                                                       ‫تلك ھي أم سليم بنت ملحان‪..‬‬
     ‫رأت ذھول المسلمين وارتباكھم‪ ،‬فركبت جمل زوجھا أبي طلحة رضي ﷲ عنھما‪ ،‬وھرولت بھا نحو‬

                                                                                         ‫الرسول‪..‬‬
  ‫ولما تحرك جنينھا في بطنھا‪ ،‬وكانت حاملا‪ ،‬خلعت بردتھا وش ّدت بھا على بطنھا في حزام وثيق‪ ،‬ولما‬

                ‫انتھت الى النبي صلى ﷲ عليه وسلم شاھرة خنجرا في يمينھا ابتسم لھا الرسول وقال‪:‬‬
                                                                                   ‫" أم سليم؟؟"‪..‬‬

                                                          ‫قالت‪ " :‬نعم بأبي أنت وأمي يا رسول ﷲ‪..‬‬
                         ‫اقتل ھؤلاء الذين ينھزمون عنك‪ ،‬كما تقتل الذين يقاتلونك‪ ،‬فانھم لذلك أھل"‪..‬‬

                                  ‫وازدادت البسمة ألقا على وجه الرسول الواشق بوعد ربه وقال لھا‪:‬‬
                                                            ‫" ان ﷲ قد كفى وأحسن يا أم سليم"‪!!..‬‬

                                                               ‫‪208‬‬
   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213