Page 211 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 211
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
يسمع فيعي ،فيحفظ ،ثم لا يكاد ينسى مما وعى كلمة ولا حرفا مھما تطاول العمر ،وتعاقبت الأيام!!..
من أجل ھذا ھيأته موھبته ليكون أكثر أصحاب الرسول صلى ﷲ عليه وسلم حفظا لأحاديثه ،وبالتالي
أكثرھم رواية لھا.
فلما جاء عصر الو ّضاعين الذين تخصصوا في الكذب على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،اتخذوا أبا
ھريرة غرضا مستغلين أسوأ استغلال سمعته العريضة في الرواية عن رسول ﷲ عليه السلام موضع
الارتياب والتساؤول .لولا تلك الجھود البارة والخارقة التي بذلھا أبرار كبار نذور حياتھم وك ّرسوھا
لخدمة الحديث النبوي ونفي كل زيف ودخيل عنه.
ھنالك نجا أبو ھريرة رضي ﷲ عنه من أخطبوط الأكاذيب والتلفيقات التي أراد المفسدون أن يتسللوا بھا
الى الاسلام عن طريقه ،وأن يح ّملوه وزرھا وأذاھا!!..
**
والآن ..عندما نسمع واعظا ،أو محاضرا ،أو خطيب جمعة يقول تلك العبارة المأثورة ":عن أبي ھريرة
رضي ﷲ عنه قال :قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم."..
أقول :عندما تسمع ھذا الاسم على ھذه الصورة ،أ ،عندما تلقاه كثيرا ،وكثيرا ج ّدا في كتب الحديث،
والسيرة والفقه والدين بصفة عامة ،فاعلم أنك تلقى شخصية من أكثر شخصيات الصحابة اغراء
بالصحبة والاصغاء..
ذلك أن ثروته من الأحاديث الرائعة ،والتوجيھات الحكيمة التي حفظھا عن النبي عليه السلام ،ق ّل أن
يوجد لھا نظير..
وانه رضي ﷲ عنه بما يملك من ھذه الموھبة ،وھذه الثروة ،لمن أكثر الأصحاب مقدرة على نقلك الى
تلك الأيام التي عاشھا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه رضي ﷲ عنھم ،والى التحليق بك ،اذا
كنت وثيق الايمان مرھف النفس ،في تاك الآفاق التي شھدت روائع محمد وأصحابه ،تعطي الحياة
معناھا ،وتھدي اليھا رشدھا ونھاھا.
واذا كانت ھذه السطور قد ح ّركت أشواقك لأن تتع ّرف لأبي ھريرة وتسمع من أنبائه نبأ ،فدونك الآن وما
تريد..
انه واحد من الذين تنعكس عليھم ثروة الاسلام بكل ما أحدثته من تغيرات ھائلة.
فمن أجير الى سيّد..
ومن تائه في الزحام ،الى علم وامام!!..
ومن ساجد أمام حجارة مركومة ،الى مؤمن با الواحد القھار..
وھاھو ذا يتح ّدث ويقول:
" نشأت يتيما ،وھاجرت مسكينا ..وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني!!..
كنت أخدمھم اذا نزلوا ،وأحدو لھم اذا ركبوا..
وھأنذا وقد ز ّوجنيھا ﷲ ،فالحمد الذي جعل الدين قواما ،وجعل أبا ھريرة اماما"!..
قدم على النبي عليه الصلاة والسلام سنة سبع وھو بخيبر ،فأسلم راغبا مشتاقا..
ومنذ رأى النبي عليه الصلاة والسلام وبايعه لم يكد يفارقه قط الا في ساعات النوم..
211