Page 206 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 206

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

   ‫في بيعة العقبة الثانية عندما قدم مكة في موسم الحاج وفد الأنصار‪ ،‬ثلاثة وسبعون رجلا وسيدتان‪،‬‬
     ‫ليعطوا ﷲ ورسوله بيعتھم‪ ،‬وليتفقوا مع النبي عليه الصلاة والسلام على الھجرة الى المدينة‪ ،‬أنھى‬

 ‫الرسول الى عمه العباس نبأ ھذا الوفد‪ ،‬وھذه البيعة‪ ..‬وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يثق بعمه في‬
                                                                                         ‫رأيه كله‪..‬‬

‫ولما جاء موعد اللقاء الذي انعقد سرا وخفية‪ ،‬خرج الرسول وعمه العباس الى حيث الأنصار ينتظرون‪..‬‬
                                               ‫وأراد العباس ان يعجم عود القوم ويتوثق للنبي منھم‪..‬‬

  ‫ولندع واحدا من أعضاء الوفد يروي لنا النبأ‪ ،‬كما سمع ورأى‪ ..‬ذلكم ھو كعب بن مالك رضي ﷲ عنه‪:‬‬
‫"‪ ..‬وجلسنا في الشعب ننتظر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حتى جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب‪..‬‬
  ‫وتكلم العباس فقال‪ :‬يا معشر الخزرج‪ ،‬ان محمدا منا حيث قد علمتم‪ ،‬وقد منعناه من قومنا فھو في عز‬

                                    ‫من قومه ومنعة في بلده‪ ،‬وانه أبى الا النحياز اليكم واللحوق بكم‪..‬‬
       ‫فان كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه اليه‪ ،‬ومانعوه ممن خالفه‪ ،‬فأنتم وما تحملتم من ذلك‪..‬‬

                           ‫وان كنتم ترون أنكم مسلموه خاذلوه بعد خروجه اليكم‪ ،‬فمن الآن فدعوه"‪..‬‬

    ‫كان العباس يلقي بكلماته الحازمة ھذه‪ ،‬وعيناه تحدقان كعيني الصقر في وجوه النصار‪ ..‬يتتبع وقع‬
                                                                        ‫الكلام وردود فعله العاجلة‪..‬‬

‫ولم يكتف العباس بھذا‪ ،‬فذكاؤه العظيم ذكاء عملي يتق ّصى الحقيقة في مجالھا المادي‪ ،‬ويواجه كل أبعادھا‬
                                                                          ‫مواجھة الحاسب الخبير‪..‬‬

                                         ‫ھناك استأنف حديثه مع الأصار بسؤال ذكي ألقاه‪ ،‬ذلك ھو‪:‬‬
                                                      ‫" صفوا لي الحرب‪ ،‬كيف تقاتلون عد ّوكم"!!؟؟‬

 ‫ان العباس بفطنته وتجربته مع قريش يدرك أن الحرب لا محالة قادمة بين الاسلام والشرك‪ ،‬فقريش لن‬
                                                                 ‫تتنازل عن دينھا ومجدھا وعنادھا‪.‬‬

                                        ‫والاسلام ما دام حقا لن يتنازل للباطل عن حقوقه المشروعة‪..‬‬
                                            ‫فھل الأنصار‪ ،‬أھل المدينة صامدون للحرب حين تقوم‪..‬؟؟‬

                          ‫وھل ھم من الناحية الفنية‪ ،‬أكفاء لقريش‪ ،‬يجيدون ف ّن الك ّر والف ّر والقتال‪..‬؟؟‬
                                                                   ‫من اجل ھذا ألقى سؤاله السالف‪:‬‬

                                                      ‫" صفوا لي الحرب‪ ،‬كيف تقاتلون عد ّوكم"‪..‬؟؟‬
                                                 ‫كان الأنصار الذين يصغون للعباس رجالا كالأطواد‪...‬‬
       ‫ولم يكد العباس يفرغ من حديثه‪ ،‬لا سيما ذلك السؤال المثير الحافز حتى شرع الأنصار يتكلمون‪..‬‬
                                                  ‫وبدأ عبدﷲ بن عمرو بن حرام مجيبا على السؤال‪:‬‬
                  ‫" نحن‪ ،‬وﷲ‪ ،‬أھل الحرب‪ ..‬غذينا بھا‪،‬وم ّرنا عليھا‪ ،‬وورثناھا عن آبائنا كابرا فكابر‪..‬‬

                                                                            ‫نرمي بالنبل حتى تفنى‪..‬‬
                                                                    ‫ثم نطاعن بالرماح حتى تنكسر‪..‬‬
                           ‫ثم نمشي بالسيوف‪ ،‬فنضارب بھا حتى يموت الأعجل منا أو من عدونا"‪!!..‬‬

                                                                             ‫وأجاب العباس متھللا‪:‬‬
                                                     ‫" أنتم أصحاب حرب اذن‪ ،‬فھل فيكم دروع"‪..‬؟؟‬

                                                               ‫‪206‬‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211