Page 201 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 201

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

            ‫أجل كان الرسول عليه الصلاة والسلام ممعنا في ترك ھذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه‪..‬‬
‫من اجل ھذا‪ ،‬ترك ھو أيضا زمام ناقته وأرسله‪ ،‬فلا ھو يثني به عنقھا ولا يستوقف خطاھا‪ ..‬وتوجه الى‬

                                                                     ‫ﷲ بقلبه‪ ،‬وابتھل اليه بلسانه‪:‬‬
                                                                     ‫" اللھم خر لي‪ ،‬واختر لي"‪..‬‬
   ‫وأمام دار بني مالك بن النجار بركت الناقة‪ ..‬ثم نھضت وط ّوفت بالمكان‪ ،‬ثم عادت الى مبركھا الأول‪،‬‬
‫وألأقت جرانھا‪ .‬واستقرت في مكانھا ونزل الرسول للدخول‪ ..‬وتبعه رسول ﷲ يخف به اليمن والبركة‪..‬‬
    ‫أتدرون من كان ھذا السعيدالموعود الذي بركت الناقة أمام داره‪ ،‬وصار الرسول ضيفه‪ ،‬ووقف أھل‬
                                                    ‫المدينة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية‪..‬؟؟‬
                        ‫انه بطل حديثنا ھذا‪ ..‬أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد‪ ،‬حفيد مالك بن النجار‪..‬‬
                                                     ‫لم يكن ھذا أول لقاء لأبي أيوب مع رسول ﷲ‪..‬‬
 ‫فمن قبل‪ ،‬وحين خرج وفد المدينة لمبايعة الرسول في مكة تلك البيعة المباركة المعروفة بـ بيعة العقبة‬
  ‫الثانية‪ ..‬كان أبو أيوب الأنصاري بين السبعين مؤمنا الذين ش ّدوا أيمانھم على يمين الرسول مبايعين‪،‬‬

                                                                                       ‫مناصرين‪.‬‬

‫والآن رسول ﷲ يشرف المدينة‪ ،‬ويتخذھا عاصكة لدين ﷲ‪ ،‬فان الحظوظ الوافية لأبي أيوب جعلت من‬
                                             ‫داره أول دار يسكنھا المھاجر العظيم‪ ،‬والرسول الكريم‪.‬‬

  ‫ولقد آثر الرسول أن ينزل في دورھا الأول‪ ..‬ولكن ما كاد أبو أيوب يصعد الى غرفته في الدور العلوي‬
 ‫حتى أخذته الرجفة‪ ،‬ولم يستطع أن يتص ّور نفسه قائما أو نائما‪ ،‬وفي مكان أعلى من المكان الذي يقوم‬

                                                                           ‫فيه رسول ﷲ وينام‪!!..‬‬
               ‫وراح يلح على النبي ويرجوه ان ينتقل الى طابق الدور الأعلى فاستجاب النبي لرجائه‪..‬‬

                                 ‫ولسوف يمكث النبي بھا حتى يت ّم المسجد‪ ،‬وبناء حجرة له بجواره‪..‬‬
    ‫ومنذ بدأت قريش تتن ّمر للاسلام وتشن اغاراتھا على دار الھجرة بالمدينة‪ ،‬وتؤلب القبائل‪ ،‬وتجيش‬

                                                                         ‫الجيوش لتطفئ نور ﷲ‪..‬‬
                                     ‫منذ تلك البداية‪ ،‬واحترف أبو أيوب صناعة الجھاد في سبيل ﷲ‪.‬‬
       ‫ففي بدر‪ ،‬وأحد والخندق‪ ،‬وفي كل المشاھد والمغازي‪ ،‬كان البطل ھناك بائعا نفسه وماله ربو‬

                                                                                        ‫العالمين‪..‬‬
    ‫وبعد وفاة الرسول‪ ،‬لم يتخلف عن معركة كتب على المسلمين أن يخوضوھا‪ ،‬مھما يكن بعد الشقة‪،‬‬

                                                                                ‫وفداحة المشقة‪!..‬‬
                 ‫وكان شعاره الذي يردده دائما‪ ،‬في ليله ونھاره‪ ..‬في جھره واسراره‪ ..‬قول ﷲ تعالى‪:‬‬

                                                                           ‫) انفروا خفافا وثقالا(‪..‬‬
      ‫مرة واحدة‪ ..‬تخلف عن جيش جعل الخليفة أميره واحدا من شباب المسلمين‪ ،‬ولم يقتنع أبو أ[وب‬

                                                                                         ‫بامارته‪.‬‬
                       ‫مرة واحدة لا غير‪ ..‬مع ھذا فان الندم على موقفه ھذا ظل يزلزل نفسه‪ ،‬ويقول‪:‬‬

                                                                  ‫" ما عل ّي من استعمل عل ّي"‪..‬؟؟‬
                                                                         ‫ثم لم يفته بعد ذلك قتال!!‬

                                                             ‫‪201‬‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206