Page 198 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 198

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                              ‫**‬

      ‫يوم أسلم سعيد‪ ،‬لم يكن قد سبقه الى الاسلام سور اربعة أو خمسة‪،‬فھو اذن من الخمسة الأوائل‬
                                                                            ‫المبكرين الى الاسلام‪.‬‬

   ‫وحين يباكر بالاسلام واحد من ولد سعيد بن العاص‪ ،‬فان ذلك في رأي سعيد‪ ،‬عمل يع ّرضه للسخرية‬
                                                   ‫والھوان من قريش‪ ،‬ويھز الأرض تحت زعامته‪.‬‬

            ‫وھكذا دعا اليه خالد‪ ،‬وقال له‪ ":‬أصحيح أنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يھيب آلھتنا"‪..‬؟؟‬
                                                                    ‫قال خالد‪ " :‬انه وﷲ لصادق‪..‬‬
                                                                         ‫ولقد آمنت به واتبعته"‪..‬‬

 ‫ھنالك انھال عليه أبوه ضربا‪ ،‬ثم ز ّج به في غرفة مظلمة من داره‪ ،‬حيث صار حبيسھا‪ ،‬ثم راح يضنيه‬
                                                                            ‫ويرھقه جوعا وظكأ‪..‬‬

                                                   ‫وخالد يصرخ فيھم من وراء الباب المغلق عليه‪:‬‬
                                                             ‫" وﷲ انه لصادق‪ ،‬واني به لمؤمن"‪.‬‬

   ‫وبدا لسعيد أن ما أنزل بولده من ضرر لا يكفي‪ ،‬فخرج به الى رمضاء مكة‪ ،‬حيث د ّسه بين حجارتھا‬
                                            ‫الثقيلة الفادحة الملتھبة ثلاثة أيام لا يواريه فيھا ظل‪!!..‬‬
                                                                     ‫ولا يبلل شفتيه قطرة ماء‪!!..‬‬

‫ويئس الوالد من ولده‪ ،‬فعاد به الى داره‪ ،‬وراح يغريه‪ ،‬ويرھبه‪ ..‬يعده‪ ،‬ويتو ّعده‪ ..‬وخالد صامد كالحق‪،‬‬
                                                                                      ‫يقول لأبيه‪:‬‬

                                              ‫" لن أدع الاسلام لشيء‪ ،‬وسأحيا به وأموت عليه"‪..‬‬
                                                                                    ‫وصاح سعيد‪:‬‬

                                              ‫" اذن فاذھب عني يا لكع‪ ،‬فواللات لأمنعنّك القوت"‪..‬‬
                                                                                    ‫وأجابه خالد‪:‬‬

                                                                      ‫"‪ ..‬وﷲ خير الرازقين"‪!!..‬‬
                                           ‫وغادر الدار التي تع ّج بالرغد‪ ،‬من مطعم وملبس وراحة‪..‬‬

                                                                ‫غادرھا الى الخصاصة والحرمان‪..‬‬
                                                                                ‫ولكن أي بأس‪..‬؟؟‬

                                                                             ‫أليس ايمانه معه‪..‬؟؟‬
                                            ‫ألم يحتفظ بكل سيادة ضميره‪ ،‬وبكل حقه في مصيره‪..‬؟؟‬

                                                      ‫ما الجوع اذن‪ ،‬وما الحرمان‪ ،‬وما العذاب‪..‬؟؟‬

 ‫واذا وجد انسان نفسه مع حق عظيم كھذا الحق الذي يدعو اليه محمد رسول ﷲ‪ ،‬فھل بقي في العالم‬
                        ‫كله شيء ثمين لم يمتلكه من ربح نفسه في صفقة‪ ،‬ﷲ صاحبھا وواھبھا‪...‬؟؟‬

                   ‫وھكذا راح خالد بن سعيد يقھر العذاب بالتضحية‪ ،‬ويتفوق على الحرمان بالايمان‪..‬‬
 ‫وحين أمر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أصحابه المؤمنين بالھجرة الثانية الى الحبشة‪ ،‬كان خالد بن‬

                                                                  ‫سعيد‪ ،‬ممن ش ّدوا رحالھم اليھا‪..‬‬

                                                             ‫‪198‬‬
   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203