Page 203 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 203
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وقضى حياته في أشواق عابد ،وعزوف مو ّدع..
فلما جاء أجله ،لم يكن له في طول الدنيا وعرضھا من حاجة سوى تلك الأمنية لتي تشبه حياته في
بطولتھا وعظمتھا:
" اذھبوا بجثماني بعيدا ..بعيدا ..في ارض الروم ثم ادفنوني ھناك"...
كان يؤمن بالنصر ،وكان يرى بنور بصيرته ھذه البقاع ،وقد أخذت مكانھا بين واحات الاسلام ،ودخلت
مجال نوره وضيائه..
ومن ث ّم أراد أن يكون مثواه الأخير ھناك ،في عاصمة تلك البلاد ،حيث ستكون المعركة الأخيرة الفاصلة،
وحيث يستطيع تحت ثراه الطيّب ،أن يتابع جيوش الاسلام في زحفھا ،فيسمع خفق أعلامھا ،وصھيل
خيلھا ،ووقع أقدامھا ،وصصلة سيوفھا!!..
وانه اليوم لثاو ھناك..
لا يسمع صلصلة السيوف ،ولا صھيل الخيول..
قد قضي الأمر ،واستوت على الجود ّي من أمد بعيد..
لكنه يسمع كل يوم من صبحه الى مسائه ،روعة الأذان المنطلق من المآذن المش ّرعة في الأفق..
أن:
ﷲ أكبر..
ﷲ أكبر..
وتجيب روحه المغتبطة في دار خلدھا ،وسنا مجدھا:
ھذا ما وعدنا ﷲ ورسوله
وصدق ﷲ ورسوله....
العباس بن عبد المطلب
ساقي الحرمين
في عام الرمادة ،وحيث أصاب العباد والبلاد قحط وبيل ،خرج أمير المؤمنين عمر والمسلمون معه الى
الفضاء الرحب يصلون صلاة الاستسقاء ،ويضرعون الى ﷲ الرحيم أن يرسل اليھم الغيث والمطر..
ووقف عمر وقد أمسك يمين العباس بيمينه ،ورفعھا صوب السماء وقال:
" اللھم انا كنا نسقى بنبيك وھو بيننا..
اللھم وانا اليوم نستسقي بع ّم نبيّك فاسقنا"..
ولم يغادر المسلميون مكانھم حتى حاءھم الغيث ،وھطل المطر ،يز ّف البشرى ،ويمنح الر ّي ،ويخصب
الأرض..
وأقبل الأصحاب على العباس يعانقونه ،ويقبّلونه ،ويتبركون به وھم يقولون:
" ھنئا لك..
ساقي الحرمين"..
فمن كان ساقي الحرمين ھذا..؟؟
ومن ذا الذي توسل به به عمر الى ﷲ ..ومعر من نعرف تقى وسبقا ومكانة عند ﷲ ورسوله ولدى
المؤمنين..؟؟
انه العباس ع ّم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم..
203