Page 202 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 202
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
كان حسبه أن يعيش جنديا في جيش الاسلام ،يقاتل تحت رايته ،ويذود عن حرمته..
ولما وقع الخلاف بين علي ومعاوية ،وقف مع علي في غير تردد ،لأنه الامام الذي أعطي بيعة
المسلمين ..ولما استشھد وانتھت الخلافة خعاوية وقف أبو أيوب بنفسه الزاھدة ،الصامدة التقية لا يرجو
من الدنيا سوى أن يضل له مكان فوق أرض الوغى ،وبين صفوف المجاھدين..
وھكذا ،لم يكد يبصر جيش الاسلام يتحرك صوب القسطنطينية حتى ركب فرسه ،وحمل سيفه ،وراح
يبحث عن استشھاد عظيم طالما ح ّن اليه واشتاق!!..
وفي ھذه المعركة أصيب.
وذھب قائد جيشه ليعوده ،وكانت أنفاسه تسابق أشواقه الى لقاء ﷲ..
فسأله القائد ،وكان يزيد بن معاوية:
" ما حاجتك أبا أيوب"؟
ترى ،ھل فينا من يستطيع أن يتص ّور أو يتخيّل ماذا كانت حاجة أبا أيوب..؟
كلا ..فقد كانت حاجته وھو يجود بروحه شيئا يعجز ويعيي كل تص ّور ،وكل تخيّل لبني الانسان!!..
لقد طلب من يزيد ،اذا ھو مات أن يحمل جثمانه فوق فرسه ،ويمضي به الى أبعد مسافة ممكنة في أرض
العدو ،وھنالك يدفنه ،ثم يزحف بجيشه على طول ھذا الطريق ،حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين
فوق قبره ،فيدرك آنئذ ـنھم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز!!..
أتحسبون ھذا شعرا..؟
لا ..ولا ھو بخيال ،بل واقع ،وحق شھدته الدنيا ذات يوم ،ووقفت تحدق بعينيھا ،وبأذنيھا ،لا تكاد تصدق
ما تسمع وترى!!..
ولقد أنجز يزيد وصيّة أبي أيوب..
وفي قلب القسطنطينية ،وھي اليوم استامبول ،ثوى جثمان رجل عظيم ،ج ّد عظيم!!..
وحتى قبل أن يغمر الاسلام تلك البقاع ،كان أھل القسطنطينية من الروم ،ينظرون الى أبي أيوب في
قبره نظرتھم الى ق ّديس...
وانك لتعجب اذ ترى جميع المؤرخين الذين يسجلون تلك الوقائع ويقولون:
" وكان الروم يتعاھدون قبره ،ويزورونه ..ويستسقون به اذا قحطوا"!!..
وعلى الرغم من المعارك التي انتظمت حياة أبي أيول ،والتي لم تكن تمھله ليضع سيفه ويستريح ،على
الرغم من ذلك ،فان حياته كانت ھادئة ،نديّة كنسيم الفجر..
ذلك انه سمع من الرسول صلى ﷲ عليه وسلم حديثا فوعاه:
" واذا صليت فصل صلاة مو ّدع..
ولا تكلمن الناس بكلام تعتذر منه..
والزم اليأس مما في أيدي الناس"...
وھكذا لم يخض في لسانه فتنة..
ولم تھف نفسه الى مطمع..
202