Page 205 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 205
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ولئن كان قد نجح في ابلاغ النبي صلى ﷲ عليه وسلم بالمدينة أنباء قريش وتح ّركاتھا ،فان قريشا
ستنجح في دفعه الى معركة لا يؤمن بھا ولا يريدھا ..بيد أنه نجاح موقوت لن يلبث حتى ينقلب على
القرشيين خسارا وبوارا..
**
ويلتقي الجمعان في غزوة بدر..
وتصطك السيوف في عنفوان رھيب ،مقررة مصير كل جمع ،وكل فريق..
وينادي الرسول في أصحابه قائلا:
" ان رجالا من بني ھاشم ،ومن غير بني ھاشم ،قد أخرجوا كرھا ،لا حاجة لھم بقتالنا ..فمن لقي منكم
أحدھم فلا يقتله..
ومن لقي البختر ّي بن ھشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله..
ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله ،فانه انما أخرج مستكرھا"..
لم يكن الرسول بأمره ھذا يخ ّص ع ّمه العباس بميّزة ،فما تلك مناسبة المزايا ،ولا ھذا وقتھا..
وليس محمد عليه الصلاة والسلام من يرى رؤوس أصحابه تتھاوى في معرة الحق ،ثم يشفع والقتال
دائر لعمه ،لو كان يعلم أن عمه من المشركين..
أجل..
ان الرسول الذي نھى عن أن يستغفر لعمه أبي طالب على كثرة ما أسدى أبو طالب له وللاسلام من أياد
وتضحيات..
ليس ھو منطقا وبداھة من يجيء في غزوة بدر ليقول لمن يقتلون آباءھم واخوانھم من المشركين:
استثنوا عمي ولا تقتلوه!!..
أما اذا كان الرسول يعلم حقيقة عمه ،ويعلم أنه يطوي على الاسلام صدره ،كما يعلم أكثر من غيره،
الخدمات غير المنظورة التي أ ّداھا للاسلام ..كما يعلم أخيرا أنه خرج مكرھا ومحرجا فآنئذ يصير من
واجبه أن ينقذ من ھذا شأنه ،وأن يعصم من القتل دمه ما استطاع لھذا سبيلا..
واذا كان أبو البختري بن حارث وھذا شأنه ،قد ظفر بشفاعة الرسول لدمه حتى لا يھدر ،ولحياته كي
لا تزھق..
أفلا يكون جديرا بھذه الشفاعة ،مسلم يكتم اسلامه ...ورجل له في نصرة الاسلام مواقف مشھودة،
وأخرى طوي عليھا ستر الخفاء..؟؟
بلى..ولقد كان العباس ذلك المسلم ،وذلك النصير.
ولنعد الى الوراء قليلا لنرى..
**
205

