Page 214 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 214
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وحين أرسل أبو موسى الأشعري الى العراق قال له:
" انك تأتي قوما لھم في مساجدھم دو ّي القرآن كدو ّي النحل ،فدعھم على ما ھم عليه ،ولا تشغلھم
بالحديث ،وأنا شريكك في ذلك"..
كان القرآن قد جمع بطريقة مضمونة دون أن يتسرب اليه ما ليس منه..
اما الأحاديث فليس يضمن عمر أن تح ّرف أو تز ّور ،أو تخذ سبيل للكذب على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه
وسلم ،والنيل من الاسلام..
وكان أبو ھريرة يق ّدر وجھة نظر عمر ،ولكنه أيضا كان واثقا من نفسه ومن أمانته ،وكان لا يريد أن
يكتم من الحديث والعلم ما يعتقد أن كتمانه اثم وبوار.
وھكذا ..لم يكن يجد فرصة لافراغ ما في صدره من حديث سنعه ووعاه الا ح ّدث وقال..
**
على أن ھناك سببا ھا ّما ،كان له دور في اثارة المتاعب حول أبي ھريرة لكثرة تحدثه وحديثه.
ذلك أنه كان ھناك يومئذ مح ّدث آخر يح ّدث عن الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ويكثر ويسرف ،ولم يكن
المسلمون الأصحاب يطمئنون كثيرا لأحاديثه ذلكم ھو كعب الأحبار الذي كان يھوديا وأسلم.
**
أراد مروان بن الحكم يوما أن يبلو مقدرة أبي ھريرة على الحفظ ،فدعاه اليه وأجلسه معه ،وطلب منه
أن يحدثه عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،في حين أجلس كاتبه وراء حجاب ،وأمره أن يكتب كل ما
يقول أبو ھريرة..
وبعد مرور عام ،دعاه مروان بن الحكم مرة أخرى ،أخذ يستقرئه نفس الأحاديث التي كان كاتبه قد
سطرھا ،فما نسي أبو ھريرة كلمة منھا!!
وكان يقول عن نفسه:
" ما من أحد من أصحاب رسول ﷲ أكثر حديثا عنه مني ،الا ما كان من عبدﷲ بن عمرو بن العاص،
فانه كان يكتب ،ولا أكتب"..
وقال عنه الامام الشافعي أيضا:
" أبو ھريرة أحفظ من روى الحديث في دھره".
وقال البخاري رضي ﷲ عنه:
" روي عن أبو ھريرة مدرسة كبيرة يكتب لھا البقاء والخلود..
وكان أبو ھريرة رضي ﷲ عنه من العابدين الأ ّوابين ،يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله ..فيقوم ھو
ثلثه ،وتقوم زوجته ثلثه ،وتقوم ابنته ثلثله .وھكذا لا تمر من الليل ساعة الا وفي بيت أبي ھريرة عبادة
وذكر وصلاة!!
وفي سبيل أن يتف ّرغ لصحبة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عانى من قسوة الجوع ما لم يعاني مثله
أحد..
214