Page 218 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 218

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

   ‫ولقد كانت بطولة البراء يوم اليمامة خليقة به‪ ..‬خليقة بالبطل الذي كان عمر بن الخطاب يوصي ألا‬
      ‫يكون قائدا أبدا‪ ،‬لأن جسارته واقدامه‪ ،‬وبحثه عن الموت‪ ..‬كل ھذا يجعل قيادته لغيره من المقاتلين‬
                                                                           ‫مخاطرة تشبه الھلاك‪!!..‬‬

‫وقف البراء يوم اليمامة وجيوش الاسلام تحت امرة خالد تتھيأ للنزال‪ ،‬وقف يتلمظ مستبطئا تلك اللحظات‬
                                           ‫التي تم ّر كأنھا السنين‪ ،‬قبل أن يصدر القائد أمره بالزحف‪..‬‬

    ‫وعيناه الثاقبتان تتحركان في سرعة ونفاذ فوق أرض المعركة كلھا‪ ،‬كأنھما تبحثان عن أصلح مكان‬
                                                                                 ‫لمصرع البطل‪!!..‬‬

                                                   ‫أجل فما كان يشغله في دنياه كلھا غير ھذه الغاية‪..‬‬
                            ‫حصاد كثير يتساقط من المشركين دعاة الظلام والباطل بح ّد سيفه الماحق‪..‬‬
   ‫ثم ضربة تواتيه في نھاية المعركة من يد مشركة‪ ،‬يميل على أثرھا جسده الى الرض‪ ،‬على حين تأخذ‬

                              ‫روحه طريقھا الى الملأ الأعلى في عرس الشھداء‪ ،‬وأعياد المباركين‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

‫ونادى خالد‪ :‬ﷲ أكبر‪ ،‬فانطلقت الصفوف المرصوصة الى مقاديرھا‪ ،‬وانطلق معھا عاشق الموت البراء‬
                                                                                         ‫بن مالك‪..‬‬

        ‫وراح يجندل أتباع مسيلمة الكذاب بسيفه‪ ..‬وھم يتساقطون كأوراق الخريف تحت وميض بأسه‪..‬‬
                            ‫لم يكن جيش مسيلمة ھزيلا‪ ،‬ولا قليلا‪ ..‬بل كان أخطر جيوش الردة جميعا‪..‬‬
                                     ‫وكان بأعداده‪ ،‬وعتاده‪ ،‬واستماتة مقاتليه‪ ،‬خطرا يفوق كل خطر‪..‬‬

       ‫ولقد أجابوا على ھجوم المسلمين شيء من الجزع‪ .‬وانطلق زعماؤھم وخطباؤھم يلقون من فوق‬
                                                ‫صھوات جيادھم كلمات التثبيت‪ .‬ويذكرون بوعد ﷲ‪..‬‬
                                                          ‫وكان البراء بن مالك جميل الصوت عاليه‪..‬‬
                                                                     ‫وناداه القائد خالد تكلم يا براء‪..‬‬

                                            ‫فصاح البراء بكلمات تناھت في الجزالة‪ ،‬وال ّدلالة‪ ،‬القوة‪..‬‬
                                                                                          ‫تلك ھي‪:‬‬

                                                                                 ‫" يا أھل المدينة‪..‬‬
                                                                                ‫لا مدينة لكم اليوم‪..‬‬
                                                                             ‫انما ھو ﷲ والجنة"‪..‬‬
                                                         ‫كلمات تدل على روح قائلھا وتنبئ بخصاله‪.‬‬

                                                                                             ‫أجل‪..‬‬
                                                                            ‫انما ھو ﷲ‪ ،‬والجنة‪!!..‬‬
                                       ‫وفي ھذا الموطن‪ ،‬لا ينبغي أن تدور الخواطر حول شيء آخر‪..‬‬
   ‫حتى المدينة‪ ،‬عاصمة الاسلام‪ ،‬والبلد الذي خلفوا فيه ديارھم ونساءھم وأولادھم‪ ،‬لا ينبغي أن يفكروا‬
                                                 ‫فيھا‪ ،‬لأنھم اذا ھزموا اليوم‪ ،‬فلن تكون ھنلك مدينة‪..‬‬
                                                              ‫وسرت كلمات البراء مثل‪ ..‬مثل ماذا‪..‬؟‬
                                                  ‫ان أي تشبيه سيكون ظلما لحقيقة أثرھا وتأثيرھا‪..‬‬

                                                               ‫‪218‬‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223