Page 187 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 187
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وراحوا يساومونه على ايمانه ،ويلوحون له بالنجاة اذا ما ھو كفر لمحمد ،ومن قبل بربه الذي آمن به..
لكنھم كانوا كمن يحاول اقتناص الشمس برمية نبل!!..
أجل ،كان ايما خبيب كالشمس قوة ،وبعدا ،ونارا ونورا..
كان يضيء كل من التمس منه الضوء ،ويدفئ كل من التمس منه الدفء ،أم الذي يقترب منه ويتح ّداه
فانه يحرقه ويسحقه..
واذا يئسوا مما يرجون ،قادوا البطل الى مصيره ،وخرجوا به الى مكان يسمى التنعيم حيث يكون ھناك
مصرعه..
وما ان بلغوه حتى استأذنھم خبيب في أن يصلي ركعتين ،وأذنوا له ظانين أنه قد يجري مع نفسه حديثا
ينتھي باستسلامه واعلان الكفران با وبرسوله وبدينه..
وصلى خبيب ركعتين في خشوع وسلام واخبات...
وتدفقت في روحه حلاوة الايمان ،فو ّد لو يظل يصلي ،ويصلي ويصلي..
ولكنه التفت صوب قاتليه وقال لھم:
" وﷲ لاتحسبوا أن بي جزعا من الموت ،لازددت صلاة"!!..
ثم شھر ذراعه نحو السماء وقال:
" اللھم احصھم عددا ..واقتلھم بددا"..
ثم تصفح وجوھھم في عزم وراح ينشد:
على أي جنب كان في ﷲ مصرعي ولست أبالي حين أقتل مسلما
يبارك على أوصال شلو مم ّزع
وذلك في ذات الاله وان يشأ
ولعله لأول مرة في تاريخ العرب يصلبون رجلا ثم يقتلونه فوق الصليب..
ولقد أع ّدوا من جذوع النخل صليبا كبيرا أثبتوافوقه خبيبا ..وش ّدوا فوق أطرافه وثاقه ..واحتشد
المشركون في شماتة ظاھرة ..ووقف الرماة يشحذون رماحھم.
وجرت ھذه الوحشية كلھا في بطء مقصود امام البطل المصلوب!!..
لم يغمض عينيه ،ولم تزايل السكينة العجيبة المضيئة وجھه.
وبدأت الرماح تنوشه ،والسيوف تنھش لحمه.
وھنا اقترب منه أحد زعماء قريش وقال له:
" أتحب أن محمدا مكانك ،وأنت سليم معافى في أھلك"..؟؟
وھنا لا غير انتفض خبيب كالاعصار وصاح ،في قاتليه:
" وﷲ ما أح ّب أني في اھلي وولدي ،معي عافية الدنيا ونعيمھا ،ويصاب رسول ﷲ بشوكة"..
نفس الكلمات العظيمة التي قالھا صاحبه زيد وھم يھ ّمون بقتله !..نفس الكلمات الباھرة الصادعة التي
قالھا زيد بالأمس ..ويقولھا خبيب اليوم ..مما جعل أبا سفيان ،وكان لم يسلم بعد ،يضرب كفا بكف ويقول
مشدوھا ":وﷲ ما رأيت أحدا يحب أحدا كما يحب أصحاب محمد محمدا"!!..
**
187