Page 28 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 28

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

       ‫وحاول أبو ذر أن يدفعه للسير الحثيث بكل حيلة وجھد‪ ،‬ولكن الاعياء كان يلقي ثقله على البعير‪..‬‬
‫ورأى أبو ذر أنه بھذا سيتخلف عن المسلمين وينقطع دونھم الأثر‪ ،‬فنزل من فوق ظھر البعير‪ ،‬وأخذ‬
‫متاعه وحمله على ظھره ومضى ماشيا على قدميه‪ ،‬مھرولا‪ ،‬وسط صحراء ملتھبة‪ ،‬كما يدرك رسوله‬

                                                                              ‫عليه السلام وصحبه‪..‬‬

‫وفي الغداة‪ ،‬وقد وضع المسلمون رحالھم ليستريحوا‪ ،‬بصر أحدھم فرأى سحابة من النقع والغبار تخفي‬
                                                                      ‫وراءھا شبح رجل يغذ السير‪..‬‬

                                   ‫وقال الذي رأى‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬ھذا رجل يمشي على الطريق وحده‪..‬‬
                                                                 ‫وقال الرسول عليه الصلاة والسلام‪:‬‬
                                                                                      ‫)كن أبا ذر(‪..‬‬

‫وعادوا لما كانوا فيه من حديث‪ ،‬ريثما يقطع القادم المسافة التي تفصله عنھم‪ ،‬وعندھا يعرفون من ھو‪..‬‬

‫وأخذ المسافر الجليل يقترب منھم رويدا‪ ..‬يقتلع خطاه من الرمل المتلظي اقتلاعا‪ ،‬وحمله فوق ظھره‬
‫بتؤدة‪ ..‬ولكنه مغتبط فرحان لأنه أردك القافلة المباركة‪ ،‬ولم يتخلف عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬

                                                                              ‫واخوانه المجاھدين‪..‬‬
                                 ‫وحين بلغ أول القافلة‪ ،‬صاح صائھحم‪ :‬يار سول ﷲ‪ :‬انه وﷲ أبا ذر‪..‬‬

                                                                       ‫وسار أبو ذر صوب الرسول‪.‬‬
                 ‫ولم يكد صلى ﷲ عليه وسلم يراه حتى تألقت على وجھه ابتسامة حانية واسية‪ ،‬وقال‪:‬‬

                                                                                  ‫]يرحم ﷲ أبا ذر‪..‬‬
                                                                                     ‫يمشي وحده‪..‬‬
                                                                                    ‫ويموت وحده‪..‬‬

                                                                                   ‫ويبعث وحده‪.[..‬‬

‫وبعد مضي عشرين عاما على ھذا اليوم أو تزيد‪ ،‬مات أبو ذر وحيدا‪ ،‬في فلاة الربذة‪ ..‬بعد أن سار‬
‫حياته كلھا وحيدا على طريق لم يتألق فوقه سواه‪ ..‬ولقد بعث في التاريخ وحيدا في عظمة زھده‪ ،‬وبطولة‬

                                                                                          ‫صموده‪..‬‬

  ‫ولسوف يبعث عند ﷲ وحيدا كذلك؛ لأن زحام فضائله المتعددة‪ ،‬لن يترك بجانبه مكانا لأحد سواه‪!!!..‬‬

                                           ‫بلال بن رباح‬
                                        ‫الساخر من الأھوال‬

                                                         ‫كان عمر بن الخطاب‪ ،‬اذا ذكر أبو بكر قال‪:‬‬
                                                                   ‫" أبو بكر سيدنا وأعتق سيّدنا"‪..‬‬

                                                                ‫‪28‬‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33