Page 27 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 27

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                             ‫ان ھذه السيدة السمراء الضامرة‪ ،‬الجالسة الى جواره تبكي‪ ،‬ھي زوجته‪..‬‬
                                                             ‫وانه ليسألھا‪ :‬فيم البكاء والموت حق‪..‬؟‬

                                 ‫فتجيبه بأنھا تبكي‪ " :‬لأنك تموت‪ ،‬وليس عندي ثوب يسعك كفنا"‪!!..‬‬
‫"‪ ..‬لا تبكي‪ ،‬فاني سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول‪:‬‬

                                    ‫ليموت ّن رجل منكم بفلاة من الأرض‪ ،‬تشھده عصابة من المؤمنين‪..‬‬
‫وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية‪ ،‬ولم يبق منھم غيري ‪ ..‬وھأنذا بالفلاة أموت‪،‬‬

                  ‫فراقبي الطريق‪ ،،‬فستطلع علينا عصابة من المؤمنين‪ ،‬فاني وﷲ ما كذبت ولا كذبت"‪.‬‬
                                                                            ‫وفاضت روحه الى ﷲ‪..‬‬
                                                                                       ‫ولقد صدق‪..‬‬

‫فھذه القافلة التي تغذ السير في الصحراء‪ ،‬تؤلف جماعة من المؤمنين‪ ،‬وعلى رأسھم عبدﷲ بن مسعود‬
                                                                                 ‫صاحب رسول ﷲ‪.‬‬

‫وان ابن مسعود ليبصر المشھد قبل أن يبلغه‪ ..‬مشھد جسد ممتد يبدو كأنه جثمان ميّت‪ ،‬والى جواره‬
                                                                               ‫سيدة وغلام يبكيان‪..‬‬

‫ويلوي زمام دابته والركب معه صوب المشھد‪ ،‬ولا يكاد يلقي نظرة على الجثمان‪ ،‬حتى تقع عيناه على‬
                                                         ‫وجه صاحبه وأخيه في ﷲ والاسلام أبي ذر‪.‬‬

‫وتفيض عيناه بالدمع‪ ،‬ويقف على جثمانه الطاھر يقول‪ ":‬صدق رسول ﷲ‪ ..‬نمشي وحدك‪ ،‬وتموت‬
                                                                           ‫وحدك‪ ،‬وتبعث وحدك"‪!.‬‬

‫ويجلس ابن مسعود رضي ﷲ عنه لصحبه تفسير تلك العبارة التي نعاه بھا‪ ":‬تمشي وحدك‪ ..‬وتموت‬
                                                                           ‫حدك‪ ..‬وتبعث وحدك"‪...‬‬

                                               ‫**‬

‫كان ذلك في غزوة تبوك‪ ..‬سنة تسع من الھجرة‪ ،‬وقد أمر الرسول عليه السلام بالتھيؤ لملاقاة الروم‪،‬‬
                                                         ‫الذين شرعوا يكيدون للاسلام ويأتمرون به‪.‬‬

                                           ‫وكانت الأيام التي دعى فيھا الناس للجھاد أيام عسر وقيظ‪..‬‬
                                                                ‫وكانت الشقة بعيدة‪ ..‬والعدو مخيفا‪..‬‬

                                  ‫ولقد تقاعس عن الخروج نفر من المسلمين‪ ،‬تعللوا بشتى المعاذير‪..‬‬
‫وخرج الرسول وصحبه‪ ..‬وكلما أمعنوا في السير ازدادوا جھدا ومشقة‪ ،‬فجعل الرجل يتخلف‪ ،‬ويقولون يا‬

                                                                      ‫رسول اللھتخلف فلان‪ ،‬فيقول‪:‬‬
                                                                                          ‫" دعوه‪.‬‬

                                                                  ‫فان يك فيه خير فسيلحقه ﷲ بكم‪..‬‬
                                                           ‫وان يك غير ذلك فقد أراحكم ﷲ منه"‪!!..‬‬
                        ‫وتلفت القوم ذات مرة‪ ،‬فلم يجدوا أبا ذر‪ ..‬وقالوا للرسول عليه الصلاة والسلام‪:‬‬

                                                                  ‫لقد تخلف أبو ذر‪ ،‬وأبطأ به بعيره‪..‬‬
                                                                      ‫وأعاد الرسول مقالته الأولى‪..‬‬

                 ‫كان بعير أبي ذر قد ضعف تحت وطأة الجوع والظمأ والحر وتعثرت من الاعياء خطاه‪..‬‬

                                                                ‫‪27‬‬
   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32