Page 30 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 30
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فلقد كان الناس يظنون أن عبدا مثل بلال ،ينتمي الى أصول غريبة ..ليس له أھل ،ولا حول ،ولا يملك من
حياته شيئا ،فھو ملك لسيّده الذي اشتراه بماله ..يروح ويغدو وسط شويھات سيده وابله وماشيته..
كانوا يظنون أن مثل ھذا الكائن ،لا يمكن أن يقدر على شيء ولا أن يكون شيئا..
ثم اذا ھو يخلف الظنون جميعا ،فيقدر على ايمان ،ھيھات أن يقدر على مثله سواه ..ثم يكون أول مؤذن
للرسول والاسلام العمل الذي كان يتمناه لنفسه كل سادة قريش وعظمائھا من الذين أسلموا واتبعوا
الرسول!!..
أجل ..بلال بن رباح!
أيّة بطولة ..وأيّة عظمة تعبر عنھا ھذه الكلمات الثلاث بلال ابن رباح..؟!
**
انه حبشي من أمة السود ...جعلته مقاديره عبدا لأناس من بني جمح بمكة ،حيث كانت أمه احدى
امائھم وجواريھم..
كان يعيش عيشة الرقيق ،تمضي أيامه متشابھة قاحلة ،لا حق له في يومه ،ولا أمل له في غده!!..
ولقد بدأت أنباء محمد تنادي سمعه ،حين أخذ الانس في مكة يتناقلونھا ،وحين كان يصغي الى أحاديث
ساداته وأضيافھم ،سيما "أمية بن خلف" أحد شيوخ بني جمح القبيلة التي كان بلال أحد عبيدھا..
لطالما سمع أمية وھو يتح ّدث مع أصدقائه حينا ،وأفراد قبيلته أحيانا عن الرسول حديثا يطفح غيظا،
وغ ّما وشرا..
وكانت أذن بلال تلتقط من بين كلمات الغيظ المجنون ،الصفات التي تصور له ھذا الدين الجديد ..وكان
يحس أنھا صفات جديدة على ھذه البيئة التي يعيش فيھا ..كما كانت أذنه تلتقط من خلال أحاديثھم
الراعدة المتوعدة اعترافھم بشرف محمد وصدقه وأمانته!!..
أجل انه ليسمعھم يعجبون ،ويحارون ،في ھذا الذي جاء به محمد!!..
ويقول بعضھم لبعض :ما كان محمد يوما كاذبا .ولا ساحرا..ولا مجنونا ..وان ام يكن لنا بد من وصمه
اليوم بذلك كله ،حتى نص ّد عنه الذين سيسارعون الى دينه!!..
سمعھم يتح ّدثون عن أمانته..
عن وفائه..
عن رجولته وخلقه..
عن نزاھته ورجاحة عقله..
وسمعھم يتھامسون بالأسباب التي تحملھم على تحد ّي وعداوته ،تلك ھي :ولاؤھم لدين آبائھم أولا.
والخوف على مجد قريش ثانيا ،ذلك المجد الذي يفيئه عليھا مركزھا الديني ،كعاصمة للعبادة والنسك في
جزيرة العرب كلھا ،ثم الحقد على بني ھاشم ،أن يخرج منھم دون غيرھم نبي ورسول!...
**
30