Page 35 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 35
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
"يا أنصار ﷲ ..رأس الكفر أمية بن خلف ،لا نجوت ان نجا"!...
وأقبلت كوكبة من المسلمين تقطر سيوفھم المنايا ،وأحاطت بأمية وابنه ولم يستطع عبد الرحمن بن
عوف أن يصنع شيئا ..بل لم يستطع أن يحمي أذراعه التي بددھا الزحتم.
وألقى بلال على جثمان أمية الذي ھوى تحت السيوف القاصفة نظرة طويلة ،ثم ھرول عنه مسرعا
وصوته الند ّي يصيح:
"أحد ..أحد"..
**
لا أظن أن من حقنا أن نبحث عن فضيلة التسامح لدى بلال في مثل ھذا المقام..
فلو أن اللقاء بين بلال وأمية ت ّم في ظروف أخرى ،لجازنا أن نسال بلالا حق التسامح ،وما كان لرجل في
مثل ايمانه وتقاه أن يبخل به.
لكن اللقاء الذي تم بينھما ،كان في حرب ،جاءھا كل فريق ليفني غريمه..
السيوف تتوھج ..والقتلى يسقطون ..والمنايا تتواثب ،ثم يبصر بلال أمية الذي لم يترك في جسده
موضع أنملة الا ويحمل آثار تعذيب.
وأين يبصره وكيف..؟
يبصره في ساحة الحرب والقتال يحصد بسيفه كل ما يناله من رؤوس المسلمين ،ولو أدرك رأس بلال
ساعتئذ لط ّوح به..
في ظروف كھذه يلتقي الرجلان فيھا ،لا يكون من المنطق العادل في شيء أن نسأل بلالا :لماذا لم يصفح
الصفح الجميل..؟؟
**
وتمضي الأيام وتفتح مكة..
ويدخلھا الرسول شاكرا مكبرا على رأس عشرة آلاف من المسلمين..
ويتوجه الى الكعبة رأسا ..ھذا المكان المقدس الذي زحمته قريش بعدد أيام السنة من الأصنام!!..
لقد جاء الحق وزھق الباطل..
ومن اليوم لا عزى ..ولا لات ..ولا ھبل ..لن يجني الانسان بعد اليوم ھامته لحجر ،ولا وثن ..ولن يعبد
الناس ملء ضمائرھم الا ﷲ الي ليس كمثله شيء ،الواحد الأحد ،الكبير المتعال..
ويدخل الرسول الكعبة ،مصطحبا معه بلال!..
ولا يكاد يدخلھا حتى يواجه تمثالا منحوتا ،يمثل ابراھيم عليه السلام وھو يستقسم بالأزلام ،فيغضب
الرسول ويقول:
"قاتلھم ﷲ..
ما كان شيخنا يستقسم بالأزلام ..ما كان ابراھيم يھوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من
المشركين".
35