Page 31 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 31

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫وذات يوم يبصر بلال ب رباح نور ﷲ‪ ،‬ويسمع في أعماق روحه الخيّرة رنينه‪ ،‬فيذھب الى رسول ﷲ‬
                                                                      ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬ويسلم‪..‬‬

‫ولا يلبث خبر اسلامه أن يذيع‪ ..‬وتدور الأرض برؤوس أسياده من بني جمح‪ ..‬تلك الرؤوس التي نفخھا‬
‫الكبر وأثقلھا الغرور‪ !!..‬وتجثم شياطين الأرض فوق صدر أميّة بن خلف الذي رأى في اسلام عبد من‬

                                                         ‫عبيدھم لطمة جللتھم جميعا بالخزي والعار‪..‬‬
                                                               ‫عبدھم الحبشي يسلم ويتبع محمد‪..‬؟!‬

‫ويقول أميّة لنفسه‪ :‬ومع ھذا فلا بأس‪ ..‬ان شمس ھذا اليوم لن تغرب الا ويغرب معھا اسلام ھذا العبد‬
                                                                                          ‫الآبق‪!!..‬‬

   ‫ولكن الشمس لم تغرب قط باسلام بلال بل غربت ذات يوم بأصنام قريش كلھا‪ ،‬وحماة الوثنية فيھا‪!...‬‬

                                               ‫**‬

‫أما بلال فقد كان له موقف ليس شرفا للاسلام وحده‪ ،‬وان كان الاسلام أحق به‪ ،‬ولكنه شرف للانسانية‬
                                                                                           ‫جميعا‪..‬‬

                                                  ‫لقد صمد لأقسى الوان التعذيب صمود البرار العظام‪.‬‬
‫ولكأنما جعله ﷲ مثلا على أن سواد البشرة وعبودية الرقبة لا ينالان من عظمة الروح اذا وجدت‬

                                                        ‫ايمانھا‪ ،‬واعتصمت بباريھا‪ ،‬وتشبثت بحقھا‪..‬‬
‫لقد أعطى بلال درسا بليغا للذين في زمانه‪ ،‬وفي كل مان‪ ،‬للذين على دينه وعلى كل دين‪ ..‬درسا فحواه‬

                           ‫أن حريّة الضمير وسيادته لا يباعان بملء الأرض ذھبا‪ ،‬ولا بملئھا عذابا‪..‬‬
                         ‫لقد وضع عريانا فوق الجمر‪ ،‬على أن يزيغ عن دينه‪ ،‬أو يزيف اقتناعه فأبى‪..‬‬

‫لقد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام‪ ،‬والاسلام‪ ،‬من ھذا العبد الحبشي المستضعف أستاذا للبشرية‬
                                           ‫كلھا في فن احترام الضمير‪ ،‬والدفاع عن حريته وسيادته‪..‬‬

‫لقد كانوا يخرجون به في الظھيرة التي تتحول الصحراء فيھا الى جھنم قاتلة‪ ..‬فيطرحونه على حصاھا‬
‫الماتھب وھو عريان‪ ،‬ثم يأتون بحجر مستعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال‪ ،‬ويلقون به فوق‬

                                                                                   ‫جسده وصدره‪..‬‬
‫ويتكرر ھذا العذاب الوحشي كل يوم‪ ،‬حتى رقّت لبلال من ھول عذابه بعض قلوب جلاديه‪ ،‬فرضوا آخر‬
‫الأمر أن يخلوا سبيله‪ ،‬على أن يذكر آلھتھم بخير ولو بكلمة واحدة تحفظ لھم كبرياءھم‪ ،‬ولا تتحدث‬

                                         ‫قريش أنھم انھزموا صاغرين أمام صمود عبدھم واصراره‪..‬‬

‫ولكن حتى ھذه الكلمة الواحدة العابرة التي يستطيع أن يلقيھا من وراء قلبه‪ ،‬ويشتري بھا حياته نفسه‪،‬‬
                                                          ‫دون أن يفقد ايمانه‪ ،‬ويتخلى عن اقتناعه‪..‬‬

                                                     ‫حتى ھذه الكلمة الواحدة رفض بلال أن يقولھا‪!..‬‬
                                 ‫نعم لقد رفض أن يقولھا‪ ،‬وصار يردد مكانھا نشيده الخالد‪":‬أحد أحد"‬

                                                                          ‫يقولون له‪ :‬قل كما نقول‪..‬‬
                                                            ‫فيجيبھم في تھكم عجيب وسخرية كاوية‪:‬‬

                                                                ‫‪31‬‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36