Page 29 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 29

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                                                          ‫يعني بلالا رضي ﷲ عنه‪..‬‬
                                               ‫وان رجلا يلقبه عمر بسيدنا ھو رجل عظيم ومحظوظ‪..‬‬
‫لكن ھذا الرجل الشديد السمرة‪ ،‬النحيف الناحل‪ ،‬المفرط الطول الكث الشعر‪ ،‬الخفيف العارضين‪ ،‬لم يكن‬
‫يسمع كلمات المدح والثناء توجه اليه‪ ،‬وتغدق عليه‪ ،‬الا ويحني رأسه ويغض طرفه‪ ،‬ويقول وعبراته‬

                                                                                ‫على وجنتيه تسيل‪:‬‬
                                                           ‫"انما أنا حبشي‪ ..‬كنت بالأمس عبدا"‪!!..‬‬
                                                         ‫فمن ھذا الحبشي الذي كان بالأمس عبدا‪!!..‬‬
                                               ‫انه "بلال بن رباح" مؤذن الاسلام‪ ،‬ومزعج الأصنام‪..‬‬

                                                                ‫انه احدى معجزات الايمان والصدق‪.‬‬
                                                                     ‫احدى معجزات الاسلام العظيم‪..‬‬

‫في كل عشرة مسلمين‪ .‬منذ بدأ الاسلام الى اليوم‪ ،‬والى ما شاء ﷲ سنلتقي بسبعة على الأقل يعرفون‬
                                                                                             ‫بلالا‪..‬‬

‫أي أن ھناك مئات الملايين من البشر عبر القرون والأجيال عرفوا بلالا‪ ،‬وحفظوا اسمه‪ ،‬وعرفوا دوره‪.‬‬
                                       ‫تماما كما عرفوا أعظم خليفتين في الاسلام‪ :‬أبي بكر وعمر‪!!...‬‬

      ‫وانك لتسأل الطفل الذي لا يزال يحبو في سنوات دراسته الأولى في مصر‪ ،‬أ‪ ،‬باكستان‪ ،‬أ‪ ،‬الصين‪..‬‬
                                                                ‫وفي الأمريكيتين‪ ،‬وأوروبا وروسيا‪..‬‬

                                                         ‫وفي تاعراق ‪ ،‬وسوريا‪ ،‬وايران والسودان‪..‬‬
                                                                     ‫في تونس والمغرب والجزائر‪..‬‬

                                                             ‫في أعماق أفريقيا‪ ،‬وفوق ھضاب آسيا‪..‬‬
            ‫في كل يقعة من الأرض يقتنھا مسلمون‪ ،‬تستطيع أن تسأل أي طفل مسلم‪ :‬من بلال يا غلام؟‬
‫فيجيبك‪ :‬انه مؤذن الرسول‪ ..‬وانه العبد الذي كان سيّده يعذبه بالحجارة المستع ّرة لير ّده عن دينه‪ ،‬فيقول‪:‬‬

                                                                                     ‫"أحد‪ ..‬أحد‪"..‬‬

‫وحينما تبصر ھذا الخلود الذي منحه الاسلام بلالا‪ ..‬فاعلم أن بلال ھذا‪ ،‬لم يكن قبل الاسلام أكثر من عبد‬
     ‫رقيق‪ ،‬يرعى ابل سيّده على حفنات من التمر‪ ،‬حتى يطو به الموت‪ ،‬ويط ّوح به الى أعماق النسيان‪..‬‬

‫لكن صدق ايمانه‪ ،‬وعظمة الدين الذي آمن به بوأه في حياته‪ ،‬وفي تاريخه مكانا عليّا في الاسلام بين‬
                                                                      ‫العظماء والشرفاء والكرماء‪...‬‬

‫ان كثيرا من عليّة البشر‪ ،‬وذوي الجاه والنفوذ والثروة فيھم‪ ،‬لم يظفروا بمعشار الخلود الذي ظفر به‬
                                                                              ‫بلال العبد الحبشي‪!!..‬‬

                    ‫بل ان كثيرا من أبطال التاريخ لم ينالوا من الشھرة التاريخية بعض الذي ناله بلال‪..‬‬
‫ان سواد بشرته‪ ،‬وتواضع حسبه ونسبه‪ ،‬وھوانه على الانس كعبد رقيق‪ ،‬لم يحرمه حين آثر الاسلام‬

                       ‫دينا‪ ،‬من أن يتبوأ المكان الرفيع الذي يؤھله له صدقه ويقينه‪ ،‬وطھره‪ ،‬وتفانيه‪..‬‬

‫ان ذلك كله لم يكن له في ميزان تقييمه وتكريمه أي حساب‪ ،‬الا حساب الدھشة حين توجد العظمة في‬
                                                                                      ‫غير مظانھا‪..‬‬

                                                                ‫‪29‬‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34