Page 26 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 26
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
" لا وﷲ ..لن تميلوا عل ّي بدنياكم أبدا"..
ورآه صاحبه يوما يلبس جلبابا قديما فسأله:
أليس لك ثوب غير ھذا..؟! لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين..؟
فأجابه أبو ذر " :يا بن أخي ..لقد أعطيتھما من ھو أحوج اليھما مني"..
قال له :وﷲ انك لمحتاج اليھما!!
فأجاب أب ذر" :اللھم غفر ..انك لمع ّظم للدنيا ،ألست ترى عل ّي ھذه البردة..؟؟ ولي أخرى لصلاة
الجمعة ،ولي عنزة أحلبھا ،وأتان أركبھا ،فأي نعمة أفضل ما نحن فيه"..؟؟
**
وجلس يوما يح ّدث ويقول:
]أوصاني خليلي بسبع..
أمرني بحب المساكين والدنو منھم..
وأمرني أن أنظر الى من ھو دوني ،ولاأنظر الى من ھو فوقي..
وأمرني ألا أسأل أحد شيئا..
وأمرني أن أصل الرحم..
وأمرني أن أقول الحق وان كان م ّرا..
وأمرني أن لا أخاف في ﷲ لومة لائم..
وأمرني أن أكثر من :لا حول ولا قوة الا با [.
ولقد عاش ھذه الوصية ،وصاغ حياته وفقھا ،حتى صار "ضميرا" بين قومه وأمته..
ويقول الامام علي رضي ﷲ عنه:
"لم يبق اليوم أحد لا يبالي في ﷲ لومة لائم غير أبي ذر"!!..
عاش يناھض استغلال الحكم ،واحتكار الثروة..
عاش يدحض الخطأ ،ويبني الصواب..
عاش متبتلا لمسؤولية النصح والتحذير..
يمنعونه من الفتوى ،فيزداد صوته بھا ارتفاعا ،ويقول لمانعيه:
" والذي نفسي بيده ،لو وضعتم السيف فوق عنقي ،ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتھا من رسول ﷲ صلى
ﷲ عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتھا"!!..
ويا ليت المسلمين استمعوا يومئذ لقوله ونصحه..
اذن لما ماتت في مھدھا تلك الفتن التي تفقم فيما بعد أمرھا واستفحل خطرھا ،وع ّرضت تادواة والمجتمع
والاسلام لأخطار ،ما كان أقساھا من أخطار.
والآن يعالج أبو ذر سكرات الموت في الربذة ..المكان الذي اختار الاقامة فيه اثر خلافه مع عثمان رضي
ﷲ عنه ،فتعالوا بنا اليه نؤد للراحل العظيم تحية الوداع ،ونبصر في حياته الباھرة مشھد الختام.
26