Page 23 - merit 39 feb 2022
P. 23
21 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية -الموضوعة :إذ كلاهما عالج ألمه ،وتطلع لحل لما
هو عليه .فلم يكتف ببيان مظاهر معاناته ،وإنما
خاتمة استنجد بالله ،والذي يحيل إلى الأمل ،ليخرجه من
إن الاهتمام بالقارئ قد حفزه على بذل جهد تأويلي لجج بؤسه وضيقه.
كبير ،وذلك للمساهمة في استقصاء كنه النص -تعداد تجليات الألم :فرغم أن عبد اللطيف شاكير
وجعله يبوح بما يختزن من دلالات وقيم ثقافية. كان ألمه مرتب ًطا بما هو ذهني ،والسياب مرتب ًطا
ولعل النص الشعري كان أبرز النماذج التطبيقية بالس ِّل الذي حطم جسده وأودى بحياته ،إلا أنهما
التي استأثرت باهتمام رواد هاته النظرية خاصة م ًعا استعرضا جوانب من معاناتهما .يقول السياب:
هانس روبيرت ياوس .ففي اللحظة التي حاول «لك الحمد مهما استطال البلاء
فيها بيان مردودية نظريته من الناحية الإجرائية، ومهما استبد الألم
استعان بقصيدة بودلير« :سبلين» .وفي إطارها لك الحمد إن الرزايا عطاء
تبين له مدى فعالية ما اقترحه من أطر نظرية، وإن المصيبات بعض الكرم».
والتي بواسطتها أعاد النظر في التوجهات التي كانت
سائدة قبله
ملحق القصيدة:
ومن ثدي الخوف أرضع، أينك يا الله؟!
حتى َج ُب ْنت وتساقطت أوراقي أعيش رعبًا..
أشرب رعبًا..
بقيت ابتسامتي معلقة،
يتغزل بها المغتصبون. آكل رعبًا..
تتفلك أمك في شارع َضيِّ ٍق، وأنا المسجون في دنياك
تنام متشر ًدا، أنام على رعب،
تتصبب رذيل ًة، أستفيق على رعب؛
وحارس المكان كلب ضال. وفي فمي طعم البارود
تستفيق محمو ًما تهذي: أنفثه على مرآتي،
أنا لقمة تلوكها أفواه الكبار، حتى تنفجر رأسي،
أنا المرعوب ولد خطيئة الوطن، ثم أهينها وأبصق عليها!
أنا الكافر تابع الوثن؟
أنا الشارد مني، الآمان هناك
القانت في محراب الوهن، يطل عليَّ من ثقب ماض،
أنا المصلوب على أبواب الفتن،
يرسل تمتمات:
أينك يا الله؟! لا بد لك أن تتطهر من دنس الولادة،
لماذا لم تجدني؟
وأنا أبحث عنك في قيامتي، من صخب الأصوات،
في هزال همتي، من ذل الانتماء،
وما رأيت بح ًرا ُش َّق لي!
ولا بكت على أوجاعي السماء. تعوذ من نشاز المنبه!
واقتل الوقت في ساعته!
فأينك يا الله؟ دمار خلف الأضلع المخروقة بالسهام،
خذني إليك مني!
لا أرى قدري..
لا أسمع وتري..
لا أفهم أشعاري..