Page 27 - merit 39 feb 2022
P. 27

‫‪25‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                   ‫والحياة حلم‬     ‫الخطاب في قوله‪ :‬أشجارك‪ ،‬موسيقاك‪ ،‬حقيقيك‪،‬‬
                           ‫النهار شجرة واطئة‬       ‫على قصد ما يمكن أن يذهب إليه المتلقي‪ ،‬فالذات‬
                                                  ‫هي الطرح الأول‪ ،‬يلي ذلك المرأة‪ ،‬يلي ذلك الكلمة‪،‬‬
                                   ‫والليل أغنية‬
                                            ‫بلا‬               ‫ويمكن تبديل المواقع بين كل مكون‪.‬‬
                                                       ‫إن الشاعر ينثر حكمته المتشحة بالجمال في‬
                                    ‫رغبة أتقدم‬       ‫مواقف أشبه ما تكون بمواقف الشاعر القديم‬
                                ‫وببصيرة قوية‬         ‫الذي يجعل مقصد النص في نهايته مرك ًزا من‬
                             ‫أدفع الزمن أمامي‬     ‫مراكز الدلالة فيه‪ ،‬ويكون واض ًحا بقدر ما يكون‬
                                                      ‫دا ًّل‪ .‬وهنا تتولد في النص الكثير من الصور‬
                                      ‫كعربة(‪.)5‬‬    ‫التي تعتمد على حالات أسلوبية تولد اللا منتظر‬
‫الشاعر يتخلى بشكل واضح عن السرد الحكائي‬              ‫من المنتظر‪ ،‬وكأن الأسلوب يعتمد على مفاجأة‬
 ‫والرمزي ليدخل في رصد مجموعة من الطبقات‬                ‫المخاطب وقدرته على التقبل مثلما يعتمد على‬

      ‫ذات الشكل المادي المتقطع‪ ،‬وبالتأمل يمكن‬                    ‫قدرة الدلالة وضغطها وقوتها(‪.)4‬‬
‫الوصول بها إلى حالة المقابلة المعنوية‪ ،‬وهو ‪-‬كما‬
                                                            ‫التقابل والترادف‬
   ‫يظهر من النص‪ -‬لا يقدم فكرة محددة‪ ،‬وإنما‬
    ‫هي ذاكرة ترصد ما ترى‪ ،‬وتنسج ما تشاهد‬           ‫التقابل والترادف أسلوبان بلاغيان تلعب فيهما‬
 ‫وتحتضن المواقف بشكل أو بآخر داخل السياق‬              ‫الدلالة دو ًرا مه ًّما مثل تشكيلهما‪ ،‬وفي الوقت‬
     ‫النفسي‪ ،‬ولكنه يتحول في صورة أخرى إلى‬             ‫نفسه يقدمان صورة بنائية للنص تقوم على‬
    ‫ظاهر السياق المؤسس للصورة المعنوية التي‬
    ‫يقوم بناء النص على أساسها في إطار المقابلة‬     ‫المراوحة بين المقابلة الفعلية والمجازية‪ ،‬والإيغال‬
                                                  ‫في المعنى‪ ،‬وبالتالي فإن طرح التصورات الشعرية‬
      ‫الدالة على المقصد اللغوي الوصفي للكلمة‪:‬‬     ‫من خلال هذين الموقفين يحتاج إلى تكثيف لغوي‬
                                 ‫يقول الشاعر‪:‬‬
                                                      ‫وأسلوبي حتى لا يهرب النص داخل دهاليز‬
     ‫ابسطي يديك الناعمتين على أعشاب روحي‬                       ‫المعاني اللانهائية لتقلبات الأسلوب‪.‬‬
                                         ‫الذابلة‬
                                                        ‫ونصوص ديوان “حجر وماس” تقدم هذا‬
                   ‫اغرقي روحي الضالة بالأمل‬              ‫الطرح‪ ،‬بما في ذلك دلالة تقديم الحجر في‬
     ‫جففي بضحكتك الخضراء التي لا شبيه لها‬            ‫العنوان والعطف عليه بالماس‪ ،‬وهما مترادفان‬

                                          ‫تآليل‬                      ‫بشكل أو بآخر داخل السياق‬
                                ‫نفسي المنهزمة‪.‬‬                           ‫العام للمكون اللغوي‪ .‬ثم‬
   ‫أشعلي لي ‪-‬وبيديك الناعمتين‪ -‬قنديلك الأخير‬                              ‫تتفاوت بعد ذلك صورة‬
             ‫في العراء والبرد‬
                 ‫وها أنت ذي‬                                           ‫المقابلة والترادف في صورة‬
              ‫توسدين رأسي‬                                              ‫واحدة أحيا ًنا‪ ،‬أو تنفرد كل‬
            ‫إلى ظل جذعك(‪.)6‬‬                                          ‫حالة بصورة وما يرادفها إما‬
     ‫والفارق بين هذا الموقف‬
      ‫وسابقه أن دلالة المقابلة‬                                                   ‫تقاب ًل أو تراد ًفا‪.‬‬
  ‫واضحة‪ ،‬في حين اختفت في‬                                                   ‫يقول الشاعر موغ ًل في‬
‫الموقف السابق‪ ،‬ولكن الغرض‬
     ‫الجمالى ‪-‬وهو غامض في‬                                                           ‫مقابلة المعنى‪:‬‬
    ‫أحايين كثيرة‪ -‬واضح في‬                                                          ‫تأملي وانبهري‬
   ‫كل النصوص‪ ،‬سواء كانت‬
     ‫سردية حكائية‪ ،‬أم كانت‬                                                                 ‫الزمن‬
                                                                                     ‫شجرة زائفة‬

                                                             ‫محمد آدم‬
   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32