Page 25 - merit 39 feb 2022
P. 25

‫‪23‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                                ‫د‪.‬محمد زيدان‬

            ‫الشعر والفكر‪..‬‬
     ‫جمال الذات والأشياء‬
    ‫في نصوص محمد آدم‬

 ‫تتحول الذات من صورة مرادفة تمثل المعادل النفسي للراوي إلى الذات‬
‫نفسها في حالة انفصال عن الوجود الأصلي‪ ،‬ويصبح الآخر صورة ثالثة‬
‫مطابقة للذات الأولى‪ ،‬وتمثل المفردات الأخرى سواء كانت مفردات تتصل‬

    ‫بواقع هذه الذات أم مفردات تتصل بالقيم المطلقة التي يقوم الوجود‬
‫بعكس صورتها‪ ،‬فلا يجد الراوي سوى مرادفات الحياة الأبدية‪ :‬من النور‬

            ‫نفسه‪ ،‬ومن البحر الواثق‪ ،‬ومن شجر الحياة‪ ،‬ومن نبع الماء‪.‬‬

     ‫الصورة المادية‪ ،‬للذوات والنصوص‪ ،‬ونرى‬         ‫الموقف البلاغي والموقف السردي‬
‫أنفسنا أمام هبات جمالية تنبع من فكر لا يهدف‬
 ‫إلا إلى إيجاد صورة أخرى ربما يراها الآخرون‬         ‫الصورة الشعرية رؤية مصغرة لموقف‬

 ‫بعيدة عن الواقع‪ ،‬أو مستحيلة الوجود‪ ،‬وتراها‬        ‫يتراوح بين توصيل الدلالة‪ ،‬وجمال العلاقات‬
                         ‫الذات معاد ًل للوجود‪.‬‬     ‫التي تتحكم فيها‪ ،‬سواء داخل الصورة ذاتها‪،‬‬
                                                  ‫أم في الرؤى والتصورات التي تطرحها‪ ،‬لتقدم‬
   ‫في هذه النصوص يتجلى التشكيل النصي من‬             ‫بدي ًل نفسيًّا في المقام الأول للذات‪ ،‬يصلح أن‬
‫خلال سطور شعرية تحمل في مكوناتها اللغوية‬         ‫يكون تعوي ًضا جماليًّا عن حياة طويلة من الفقد‬
‫طاقة كبيرة من أجل الوصول بالنص إلى منطقة‬        ‫والهزائم‪ ،‬وأحيا ًنا تكون لإظهار حالة الذات وهي‬
                                                    ‫في قمة تعاليها عن الواقع‪ ،‬أو الحوار معه أو‬
     ‫الجمال التي تبحث عنها النفوس الراغبة في‬      ‫تكوين هذا الواقع‪ ،‬وفي الحالة الأخيرة يتحول‬
  ‫الوصول باللغة ودلالاتها إلى أقصى درجة من‬
   ‫درجات التفرد‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬وبرغم أنها قصيدة‬           ‫الواقع إلى صور ذهنية ليبدأ الشاعر حياته‬
                                                ‫الأخرى بعي ًدا عما اقترفته الأحداث إزاءه‪ ،‬ولكنه‬
     ‫المدى الدلالي والتصويري‪ ،‬إلا أنها لا تطرح‬
 ‫نفسها من خلال علاقات جزئية‪ ،‬ولكنها تطرح‬           ‫في لحظة من لحظات التجلي والصفاء‪ ،‬تتحول‬
‫نفسها من خلال علاقات كلية‪ ،‬وتصبح العناوين‬          ‫الذات إلى مكون من مكونات الوجود والحياة‪،‬‬
                                                 ‫وتقدم في الوقت نفسه صورتها في شكل خبرة‬
     ‫الفاصلة ما هي إلا أدوات وصل تحتاج إلى‬
   ‫نوع من الترتيب والتواصل‪ .‬لدرجة أن بعض‬             ‫جمالية تتعالى في أدائها وفي تشكيلاتها على‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30