Page 26 - merit 39 feb 2022
P. 26

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪24‬‬

                                                   ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

      ‫اللاحركة معها سيان‪ ،‬وحينها ينتج الرمز‬             ‫هذه العناوين تقدم صورة معادلة للنص إذا‬
  ‫دلالاته من خلال واقع النص الذي ينفتح على‬           ‫وضعت بجانب بعضها في صورة أفقية لتك ِّون‬
                                                     ‫منظو ًرا حكائيًّا يطرح فك ًرا وس ًطا بين الوجود‬
        ‫المعنى انفتا ًحا كبي ًرا‪ ،‬وبخاصة في قوله‪:‬‬
              ‫سماواتك التي راحت تنفتح أمامه‬            ‫واللاوجود فنرى ص‪،34 ،33 ،32 ،31 ،30‬‬
                           ‫بخراطيمها الواسعة‬                                      ‫‪ ،35‬على التوالي‪:‬‬
                      ‫لتصب الحنين والوحشة‬
                                                           ‫صراخ‪ -‬أنامل‪ -‬ريح‪ -‬تكدس‪ -‬وحشة‪-‬‬
        ‫فالصورة هنا استعارة تمثيلية في مقام‬             ‫اضطجاع‪ ..‬وإذا توغلت داخل النص وداخل‬
    ‫الاستعارة التصريحية‪ ،‬لأن المتلقي يستطيع‬              ‫ما فيه من معنى وحاولت وصله بالدلالات‬
    ‫استبدال المفردات بعدد آخر يحمل الدلالات‬        ‫المجاورة‪ ،‬ستجد هناك نو ًعا من الوحدة العضوية‬
  ‫نفسها‪ ،‬وبالتالي يكون المجاز أقرب إلى الواقع‪،‬‬     ‫المعنوية التي تربط هذه الدلالات بعضها البعض‪،‬‬
                                                   ‫والتي تسمى في النقد الحديث بالانسجام الدلالي‪،‬‬
                      ‫والواقع أقرب إلى المجاز‪.‬‬
‫وفي نص (نوافذ) وهو يحمل السمات الأسلوبية‬                  ‫وقد يضاف إليه الانسجام التداولي‪ ،‬وهي‬
                                                    ‫علاقات لا تتمثل في أدوات المناسبة والنسق‪ ،‬بل‬
                          ‫نفسها يقول الشاعر‪:‬‬
                                      ‫سيدتي‪:‬‬           ‫تمتد إلي العلاقة بين الأفعال اللغوية في حالة‬
                                                                                      ‫التلفظ بها(‪.)1‬‬
    ‫لا شيء يمكنني أن أقوله لله الآن سوى أن‬                                           ‫يقول الشاعر‪:‬‬
                                  ‫أمسح الغبار‬
                                                                  ‫يكنس نشارة الزمن من أمام بيته‬
     ‫عن أشجارك التي أخذت تتطلع إلى نوافذي‬                 ‫ويجلس على أريكة الوحدة‪ ،‬لا يرقب المارة‬
    ‫جنيات كثيرة تعترق داخلي‪ ،‬مصارع أبواب‬
                                                                               ‫وإنما ليكدس اسمك‬
                                    ‫واصطفاق‬                                     ‫ليعمل مع الآخرين‬
     ‫نوافذ‪ ،‬وتحت موسيقى تصعد وتهبط‪ ،‬إنها‬
                                                                                 ‫ليعمل ضد نفسه‬
                                   ‫موسيقاك‪..‬‬                                         ‫ما عاد يجدي‬
   ‫الصاخبة ذات الجلبة‪ ،‬أتذكر عينيك اذ تلمعان‬                                             ‫المهم الآن‬

                                     ‫بوسوسة‬           ‫ماذا يفعل بسماواتك التي راحت تنفتح أمامه‬
   ‫يجرح الليل نفسه ويجرجر ثيرانه الوحشية‪،‬‬                                      ‫بخراطيمها الواسعة‬

                                 ‫النهار‪ ،‬يتذكر‬                          ‫والتي راحت تصب الحنين‬
         ‫ويتأبى‪ ،‬ومع ذلك تكتفين بحقيقتك(‪.)3‬‬                                           ‫والوحشة(‪)2‬‬
  ‫هنا يتحول الموقف السردي إلى موقف بلاغي‬
‫يعتمد على عدد من آليات الحكاية‪ ،‬والتي تتراوح‬              ‫في صورة من صور الالتفاتات في البلاغة‬
   ‫بين أن تكون مجازية‪ ،‬وبين أن تكون واقعية‬           ‫العربية يتحدث الشاعر عن الآخر‪ ،‬وهي صور‬
                                                      ‫مساوية لذاته‪ .‬مساوية لصورة الواقع‪ ،‬ليقدم‬
                                       ‫رمزية‪:‬‬
    ‫‪ -1‬خلو الخطاب من المجازات التقليدية التي‬              ‫صورة سردية عن هذا الآخر‪ ،‬في حالتين‪:‬‬
                                                    ‫الأولى‪ :‬حالة السكون وهو يجلس أمام بيته على‬
           ‫تحول الخطاب إلى الصورة الرمزية‪.‬‬
    ‫‪ -2‬تفعيل أفعال الحركة الدالة على الذات في‬           ‫أريكة الوحدة‪ ،‬وهي صورة من صور الذات‬
                                                         ‫المتأملة‪ ،‬الراغبة في الانتظار‪ ،‬حتى تستطيع‬
                               ‫الزمان والمكان‪.‬‬          ‫ترتيب الواقع‪ ،‬وفي دلالة تبدو طريفة‪ :‬حتى‬
  ‫‪ -3‬تضفير الموقف الحكائي والموقف النفسي‪.‬‬           ‫تستطيع الحياة وسط هذا الكلام الذي لا ينتهي‬

    ‫فالحكاية الأسلوبية التي تفيض من جوانب‬                                      ‫من الأشياء الخربة‪.‬‬
‫الفعل المضارع تشي بأن الشاعر أراد أن يخرج‬          ‫الثانية‪ :‬حالة السكون الاضطراري حينما تتماهى‬

   ‫بالمجاز السردي القائم على المراوحة بين ذات‬          ‫الأشياء في عيون الإنسان لتصبح الحركة أو‬
    ‫تريد‪ ،‬وصراع يشد هذه الذات‪ ،‬إذ تدل كاف‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31