Page 31 - merit 39 feb 2022
P. 31
29 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
المسماة «الصراع الأبدي» هي قصة الصراع معظمها غير تقليدي ،يتسم تارة بالذكاء وأخرى
بين الخير والشر ،أو النور والظلام ،مستوحيًا بالسخرية اللاذعة ،وفي نفس الوقت ذات ارتباط
عناصرها من قصة إيزيس وأزوريس وابنهما
حورس (رمز الخير والنماء) والصراع مع أخي وثيق بمحتوى القصص.
أزوريس المدعو ست وزوجته نفتيس (رمز الشر بيد أنه علينا أن نقر أن المؤلف يخاطب القارئ
والجدب) .ورغم أن المؤلف لم يصرح بأسماء تلك المثقف ،the well- educated readerوليس
الآلهة الفرعونية إلا أن عناصر القصة مستوحاة القارئ العادي ،uneducated readerوقد تكون
تما ًما منها ،ولا يمكن للقارئ العادي -كما سبق أن هذه مزية للنص ،وقد تشكل عائ ًقا أمام القارئ
قلت -أن يدرك هذا المستوى الثقافي الرفيع للمؤلف العادي أو لنقل القارئ المتوسط الذكاء؛ فقد طغى
ورؤيته التاريخية -الفلسفية للصراع بين الخير على أسلوبه سمو النص ،والرمزية symbolism
والشر إلا إذا كان قار ًئا واعيًا بالتاريخ المصري بطريقة بيكاسو السريالية ،والرؤى الفلسفية
الخاصة ،والارتقاء بمستوى النص إلى عتبة المثقف
القديم. الحقيقي the real intellectualواسع الاطلاع
أما القصة الثالثة المسماة «الرحلة المقدسة» التي والمعرفة؛ وهي الأدوات التي تعكس حنكة السنين،
استلهمها المؤلف من التاريخ الفرعوني فهي قصة وخبراته المتراكمة؛ كما تعكس عالمه الذي يسكن
الإله أخناتون ،وهي فنتازيا تاريخية في المقام الأول، فيه أو لنقل يسكن بداخله .فالمجموعة القصصية
استقى المؤلف بعض عناصرها من عصر أخناتون تشير إلى أن هناك عوالم كامنة تسكن بذات المؤلف،
تسير معه أينما يسير ،تلازمه كظله الذي لا يفارقه،
وصراعه مع الكهنة ،كما استعار بعض الصور ويتفاعل مع حوادثها ،لنكتشف البعد الوطني لدى
القرآنية أي ًضا ليوظفها في سياق الفكرة التي يود المؤلف والذي يؤرقه عبر سنين العمر ،فأهم عالم
من عوالم المؤلف هو الوطن والإنسان .ولهذا جاءت
أن يطرحها ،وهي أن الفكر الديني المترسخ في معظم قصصه مرتكزة على هاتين الركيزتين اللتين
عقول الناس -حتى ولو كان خاطئًا -كفيل بأن
يطرد الفكر الديني القويم من الحياة ،لتبقى الأفكار يربطهما حبل سري مجدول بعناية فائقة.
السائدة المشوشة تعمل لصالح رجال الدين ،الذين أما البعد التالي في هذه المجموعة القصصية فهو
البعد التاريخي ،The historical dimension
يرمز إليهم هنا بكهنة آمون رع. فقد ارتكز المؤلف في عدد من قصصه الواردة بهذه
وفي إطار تلك الفنتازيا التاريخية جعل المؤلف المجموعة على التاريخ المصري القديم في حقبته
أخناتون يخرج ما ًّرا بالوادي المقدس ،ثم يصل إلى الفرعونية ،وأخذ ينهل منه -بتصرف -فلم تأت كل
منطقة يأجوج ومأجوج ليبني س ًّدا هناك ،ليوقف
تغول النهرين المعروفين في كتب التراث باسم عناصره التاريخية مطابقة لما
نهري جيحون وسيحون ،وهما وصلنا من العصر الفرعوني،
اللذان يقعان في أواسط آسيا؛
رغم أن أخناتون لم يغادر بل استقى أفكا ًرا ذات بعد
مصر ،بل غادر فقط العاصمة تاريخي ليبني عليها قصة تلو
طيبة إلى مدينته الجديدة الأخرى كقصة «نبوءة» التي
أخيتاتون (تل العمارنة الآن
بالمنيا) بعي ًدا عن سلطة وطغيان حمل الكتاب اسمها ،وقصة
كهنة آمون رع ،حيث جعلها «الصراع الأبدي» ،وقصة
مرك ًزا للتوحيد على عهده .وهنا «الرحلة المقدسة» ،وقصة
نقتبس من القصة النص التالي:
«جذبه نور الزيتونة المباركة، «تاميت».
أمر أعوانه :اخلعوا نعالكم ،نحن وبعي ًدا عن قصة نبوءة التي
ورد بشأنها دراستان ملحقتان
بالكتاب ،فإن القصة الثانية