Page 252 - merit 39 feb 2022
P. 252
العـدد 38 250
فبراير ٢٠٢2
اليوم العابرة ،والأفكار الفلسفية رباب كساب خالد السروجي خالد محمد خالد
العميقة ،والصراعات السياسية،
والحروب الدولية ،وأحلام البسطاء، يمط الأحداث أو يط ًول فيها بلا دا ٍع، في الدوامة ذاتها ،لتكون هذه الرواية
تلك القدرة على الحفر العميق في قادرة على البقاء ما دامت قادرة على
وخيالات المجانين ،الشارع التعبير عن الإنسان /الشباب الذين
والسينما والأدب والصحافة ..إلخ جذور الحدث الصغير ليبدو في معناه
كل ذلك يعجنه إبراهيم عبد المجيد الإنساني النهائي أكبر مما نتصور، يبحثون عن يقين فلا يجدونه.
وربما يكون التأثير الشخصي لهذه أما (البلدة) الأخرى فقد توقفت
م ًعا ،ليخبز منه أجمل ما يمكن الرواية عليَّ؛ إلى جانب أشياء أخرى، أمامها طوي ًل ولم أتزحزح ،تأملتها
تخيله من خبز روائي! كنت؛ بلا وراء رفضي فكرة السفر للعمل التي على المستويين الموضوعي والفني،
مبالغة ،أعيش مع الشخصيات، جاءت في شكل فرص جيدة أكثر من فمن حيث الموضوع كانت الرواية
مرة. جريئة وكاشفة للحظة تقابل ثقافة
أتذوق ما يتذوقون ،وأشم ما ومع شخصيات بيت الياسمين مدينة البحر المتوسط المفتوحة/
يشمون ،وأشعر مثلهم .وقد ضحكت وبكيت ،ورأيت عالم الناس
أخبرني الأستاذ إبراهيم عبد المجيد الغلابة ،وأحلامهم البسيطة ،وحيلهم الإسكندرية ،التي يمثلها بطل
أنه كان يعيش الكثير من مشاهد الأبسط ليمضي يومهم بدون الرواية ،مع ثقافة الصحراء التي
الرواية بنفسه قبل أن يكتبها ،فمث ًل مشاكل ،ويبقوا فقط على قيد الحياة تمثلها المنطقة الجديدة لعمل الزوجة
مشهد على الكورنيش أثناء نوة، والأمل. بدولة عربية ،وما بها من عادات
يأتي بنفسه أثناء النوة ،ويعيش وتقاليد وأفكار تختلف في الكثير منها
المشهد الواقعي كأنه بطل الرواية، أما «لا أحد ينام في الإسكندرية» فهي بشكل جذري؛ وربما متناقض ،مع
ثم يكتبه ،وقد انتقل هذا الصدق في العمل الذي تمنيت كثي ًرا أن أكتب الثقافة التي جاء منها البطل .وعلى
المعايشة إل َّي كقاريء بالفعل. عنه ولم أستطع ،من عمق المحبة، مستوى الفن كنت أتعجب من كيفية
وإبراهيم عبد المجيد؛ كنجيب محفوظ والإعجاب ،والتهيب ،فهي ملحمة صنع إبراهيم عبد المجيد هذه الملحمة
وخالد محمد خالد ومحمد جبريل روائية حقيقية :التاريخ ،ونفوس الروائية من مفردات قصة واقعية
وغيرهم من الأساتذة العظام، البشر ،وجغرافية المكان ،وأحداث بسيطة ،دون أن يشعر القارئ أنه
لا يعيشون في الماضي بقدر ما
يتطلعون إلى المستقبل ،لذلك تجدهم
لا يتوقفون عن القراءة للأجيال
التالية ،قراءة مستمرة ودقيقة فيها
الكثير من التشجيع والمحبة ،بل
والتلقيح الذي يفيد الشباب كما يفيد
الكبار أي ًضا ،لذلك تجد له شعبية
كبيرة ككاتب وإنسان لدى الأجيال
الجديدة.
وإذا كانت هذه شهادة شخصية؛
فيمكن أن تطول ج ًّدا إذا سردت كل
ما فعله لأجلي أستاذي إبراهيم عبد
المجيد ،أو ما نصحني به في مواقف
مختلفة ،فحفظت أقواله وجعلتها
أمامي دائ ًما ،وكثي ًرا ما أفادتني وأنا
أتصرف وف ًقا لها ..لكنني للاختصار
سأذكر بعض مواقف قليلة ،وهي