Page 256 - merit 39 feb 2022
P. 256

‫العـدد ‪38‬‬                            ‫‪254‬‬

                                     ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

                      ‫والرحمة‪.‬‬           ‫تحمل رضيعتها شوقية لترافق‬            ‫الكتابة بقت الثلاثية متربعة على‬
   ‫علاقة الصداقة بين مجد الدين‬        ‫زوجها رحلته إلى المجهول‪ ،‬فهو لم‬       ‫عرشها‪ ،‬تجتذب شريحة قراء بفئة‬
 ‫ودميان والتي قاربت حد الأخوة‪،‬‬        ‫ُي ِج ْد سوى الزراعة ولم يه َو سوى‬
‫وتأثير الأول الذي حدا بالثاني إلى‬                                              ‫العشرينات‪ ،‬ولكنهم بدرجة من‬
‫إعادة النظر فيما يخص روحانياته‪،‬‬                              ‫القرآن‪.‬‬           ‫النضج جعلتهم يميزون الحجر‬
  ‫ثم علاقة الجيرة بين مجد الدين‬           ‫مريم زوجة الخواجة ديمتري‬         ‫الكريم‪ ،‬فكتابات إبراهيم عبد المجيد‬
 ‫والخواجة ديمتري والتي صمدت‬            ‫التي تلقت زهرة فكانت ‪-‬وبنتيها‬       ‫تحتاج إلى قارئ بدرجة جواهرجي‪.‬‬
  ‫أمام عاصفة كان من الطبيعي أن‬            ‫كاميليا وإيفون‪ -‬بوصلتها في‬
 ‫تقتلع كل نابت‪ ،‬فقصة الحب التي‬          ‫المدينة الغريبة‪ ،‬أسرة احتضنتها‬     ‫لا أحد ينام حتى يصل إلى‬
   ‫جمعت بين كامليا ابنة ديمتري‬       ‫بمحبة فاطمأنت بها روحها‪ ،‬وسرى‬                 ‫كلمة تمت‬
‫ورشدي ابن واحد من زملاء مجد‬          ‫تأثيرها إليها روي ًدا روي ًدا‪ ،‬تشجعت‬
‫الدين العاملين معه بالسكة الحديد‪،‬‬       ‫في الخروج إلى الأسواق وحلقات‬         ‫مجد الدين ودميان‪ ،‬الصداقة التي‬
 ‫وحلها بحكمة متناهية‪ ،‬فمثل هذه‬         ‫السمك‪ ،‬ثم جاءت الخطوة الأجرأ‬           ‫جمعت بحري مع قبلي‪ ،‬الدلتا مع‬
‫العلاقات مستحيلة‪ ،‬واستمراريتها‬          ‫على الإطلاق حين خلعت جلبابها‬        ‫الصعيد‪ ،‬المحبة التي تؤلف القلوب‪،‬‬
   ‫تجر فتنة وثأ ًرا يفوق ما اقترفه‬    ‫الريفي لترتدي ملابس خاطتها لها‬        ‫تهمش العادات والتقاليد‪ ،‬ما وجدنا‬
 ‫البهي أضعاف مضاعفة‪ ،‬فلم يكن‬
 ‫موته إلا بسبب العصبية والقبلية‪،‬‬                       ‫الجارة الطيبة‪.‬‬           ‫آباءنا عليه فكان صلبًا كصخر‬
  ‫وتورطه بشجار دار بين طائفته‬                                                 ‫ومع انسكاب المودة يلين‪ ،‬يصير‬
                                       ‫ضلع من المثلث الشائك‬                  ‫طيِّ ًعا لتشكيل علاقة فريدة كل ما‬
      ‫الفلاحين وطائفة الصعايدة‪.‬‬                                             ‫فيها اختياري‪ ،‬حر بأخذه أو تركه‪،‬‬
                                        ‫ضلع الدين لا يهابه إبراهيم عبد‬         ‫تطييب الخاطر له الأولوية بتلك‬
 ‫الزمن حاضر كواحد من‬                 ‫المجيد‪ ،‬بل ويعمد إلى تسليط الضوء‬
        ‫الأبطال‬                                                                                   ‫العلاقات‪.‬‬
                                        ‫عليه ليكشف عن البعد الإنساني‬            ‫البهي شقيق مجد الدين‪ ،‬الذي‬
  ‫كيل لا يخصنا ومع ذلك عفرنا‪،‬‬          ‫الذي يجعل التعايش والتآلف هما‬         ‫كان له نصيب من اسمه على أثره‬
    ‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬الحلفاء‬     ‫الأصل ما دامت النفس رائقة‪ ،‬لم‬      ‫استمال النساء‪ ،‬صار بمثابة يوسف‬
     ‫والمحور أمطرونا برصاصهم‬                                                ‫القرية وكلهن زليخة‪ ،‬مع فارق أن‬
                                         ‫يمسسها نفر من متعصبين أو‬          ‫البهي صبا إليهن فكانت الحرب بين‬
                                        ‫موتورين‪ ،‬أو جامدين في تلقيهم‬       ‫عائلته «الخلايلة» وعائلة «الطوالبة»‪،‬‬
                                     ‫للنصوص‪ ،‬الكارهين لمعاني السلام‬            ‫ثم الهرب إلى الإسكندرية خو ًفا‬
                                                                             ‫من الثأر الذي بات يطلبه بإلحاح‪،‬‬
                                                                             ‫ليترك مجد الدين فريسة لأطماع‬

                                                                                  ‫العمدة بأرضه فيحكم عليه‬
                                                                                                  ‫بالرحيل‪.‬‬

                                                                                ‫مجد الدين والخواجة ديمتري‬
                                                                              ‫والسكن في بيته من بعد مغادرة‬
                                                                           ‫شقيقه البهي‪ ،‬ليجد في أسرته وطنًا‬

                                                                                ‫بدي ًل عما أُجبر على البعد عنه‪.‬‬
                                                                                ‫زهرة زوجة مجد الدين‪ ،‬شابة‬
                                                                              ‫بقلب بخضرة الأرض‪ ،‬لا يعرف‬
                                                                                 ‫بعد ألاعيب المدن خاصة التي‬

                                                                                 ‫تجتمع بها أجناس شتى‪ ،‬لذا‬
   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261