Page 258 - merit 39 feb 2022
P. 258

‫العـدد ‪38‬‬                           ‫‪256‬‬

                                      ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

   ‫يصرح بمنتهى اليقين أنه ذاهب‬         ‫التخمينات‪ ،‬خاصة وأن صفوت لم‬             ‫بمستشفى الصدر ما زال قاد ًرا‬
‫ليرى الله! مهووس الغناء ومهووس‬           ‫يصدر عنه شيء قط‪ ،‬لا قول ولا‬         ‫على الدعم‪ ،‬بعد حديثها معه عادت‬
                                       ‫فعل وكأنه شبح‪ ،‬وحتى النهاية لا‬       ‫إلى أهلها‪ ،‬هي التي قررت قبل قليل‬
       ‫العلم‪ ،‬الديب المسفر حكايات‬     ‫تفسير قاطع لهذا السلوك الشاذ من‬      ‫أن تهج دون أى اعتبار لتبعات مثل‬
     ‫اللاممكن واللامعقول‪ ،‬أسطح‬         ‫«قطة مغمضة» إلى «لبوة متمردة»‪،‬‬        ‫هذا الفعل الأحمق‪ ،‬الخطابات التي‬
  ‫القطارات وطول الرمح ولا شيء‬             ‫وإقحام القارئ في الحكاية لعبة‬      ‫كان يكتبها إلى الجوني أي ًضا وهو‬
 ‫سوى السماء‪ ،‬الخيال الذي يهيمن‬           ‫المحترفين‪ ،‬أن يصير له الحق في‬     ‫في خضم معاناته تكشف عن عاشق‬
‫فيقنعه أن السائق التهم العطشجي‪،‬‬                                            ‫استثنائي‪ ،‬لا علة ولا حتى غربة من‬
     ‫أو أن القطار «خرج بره الدنيا‬          ‫وضع النهايات حسبما يأخذه‬           ‫بعد توظيفه في حلوان تلهيه‪ ،‬لذا‬
   ‫وضاع»‪ ،‬وأخي ًرا ما فعله بمرعي‬                               ‫خياله‪.‬‬      ‫كان مشهد دفنه مهيبًا إذ لم يتخلف‬
   ‫العامل بمحل العنيبسي‪ ،‬الخطاب‬
 ‫الذي كان يمليه عليه فيكتب غير ما‬         ‫عالم الماكينة الحمراء والخواجة‬        ‫عنه أي ممن عرفه‪ ،‬فالوداعات‬
 ‫يملى‪ ،‬كاد يفقد حياته بسبب مقلب‬         ‫بطسو مديرها‪ ،‬دكاكين العنيبسي‬          ‫بدموعها كاشفة لسيرة الإنسان‪،‬‬
   ‫هذا المخبول‪ ،‬الملفت أن من خلفه‬                                              ‫صادقة على نقيض الاستقبالات‬
 ‫في عمله بعدما فر خو ًفا من انتقام‬         ‫والسيد خليل والسيد الأعرج‪،‬‬
     ‫مرعي مصطفى المسفر الجديد‬         ‫محمود القزعة المراقب العام لأرداف‬             ‫التي لا تخلو من مداهنات‬
    ‫كان بذات التهيؤات والحكايات‬                                                                 ‫ومجاملات‪.‬‬
                                        ‫النساء‪ ،‬سلامة الغلق فتوة كرموز‬
                    ‫الأسطورية‪.‬‬          ‫وصاحب المقهى وزمن ولى كانت‬                ‫فاطمة ورشاد وفي حدث لم‬
      ‫عالم الحكي للجائز والممنوع‪،‬‬       ‫للشومه الكلمة الأعلى‪ ،‬المدثر شيخ‬    ‫يسبقهن إليه أحد من أهل المساكن‬
  ‫والكرامة التي ما زالوا يتناقلونها‬     ‫الحارة قصير القامة ولكنها طالت‬
‫منذ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬الطوربيد‬      ‫وفاقت بالميري‪ ،‬الرواد الدائمين‬        ‫يقمن حفل زفافهن في مسرح‪،‬‬
    ‫العملاق الذي تلقاه ذراعان من‬         ‫فلفل مطحون تاجر البهار مبتدع‬      ‫استعدادت بنات أبلة نرجس ورحلة‬
‫ضوء خرجا من مسجد أبو الدرداء‬             ‫وصفات الفحولة التي لا تخيب‪،‬‬
    ‫فمنعا هبوطه للمدينة وإحراقها‬                                              ‫خروجهن تفصيلات كشفت عن‬
     ‫بالكامل‪ ،‬ومن هنا كانت الكتب‬          ‫محمود الملاح حلم السينما منذ‬     ‫تكوين شخصياتهن في إطار فكاهي‬
 ‫والكتابة‪ ،‬سليمان وجين بانكروفت‬        ‫عمله مع يوسف شاهين بفيلم ابن‬
    ‫الرواية التي كلما بناها هدمها‪،‬‬      ‫النيل‪ ،‬الزمن الذي سيدور بهم لا‬         ‫لا يضاهيه سوى موقف رجال‬
   ‫إلى أن هداه الحب وظهرت الفتاة‬                                            ‫المساكن والإحراج الذي شعروا به‬
    ‫الصغيرة سعيدة‪ ،‬تشبث بعالمه‬            ‫عليهم‪ ،‬ليقذف بالملاح في إيطاليا‬
      ‫وذابت أفكاره عن الهجرة إلى‬      ‫فيشارك في فيلم بل بدور آله‪ ،‬فلفل‬        ‫إزاء وجودهم بفرح لا يخصهم‪،‬‬
  ‫أستراليا أو بريطانيا كما عرضت‬       ‫يأخذ طريقه إلى الهند باحثًا عن كنز‬    ‫وإن كانت العاقبة لذيذة‪ ،‬إذ خرجوا‬
‫عليه جين‪ ،‬وحتى السفر إلى أفريقيا‬                                            ‫محملين بعلب البسطه أو الجاتوه‪،‬‬
‫ليتبع عمه المنقطعة أخباره ذهبت إلى‬                          ‫الدماميني‪.‬‬
 ‫غير رجعة أمام هذا القلب الأخضر‬          ‫عالم حبشي طرزان الذي يعيش‬             ‫وهو المسمى الذي اختلفوا عليه‬
 ‫الذي يقدم نفسه إليه على طبق من‬            ‫في كشك‪ ،‬دينه السباحة وغيته‬      ‫حتى انتهوا أن كلاهما لا يمت بصلة‬
  ‫ثقة في الغد‪ ،‬كروان من «الطشت»‬        ‫احتضان الأطفال مجهولي النسب‪،‬‬        ‫لمسماه بالعربية‪ ،‬تقليعة المسرح التي‬
 ‫وأول ما شاهد أم الضابط الماشطة‬           ‫الغموض الذي يكتنف زيجتيه‪،‬‬
 ‫إلى ترعة المحمودية وزوجة حبشي‬          ‫حيث تأتي الواحدة منهما بصحبة‬          ‫رفضها على زين العابدين فزوج‬
   ‫السابحة في جوف الليل وحدها‪،‬‬          ‫شخص يتظاهر بالعمى‪ ،‬مرة بعد‬          ‫ابنته شوقية في سرادق امتد بطول‬
    ‫الناي والكتاب وزاد من الحزن‬        ‫مرة يتركها له ويرحل‪ ،‬تعيش معه‬       ‫شارع المساكن بحجة «بلا شحططه‬
                                       ‫سنوات وتنجب له الأبناء‪ ،‬ثم وكما‬
                                          ‫ظهرت من عدم ترحل إلى عدم‪.‬‬                                ‫للناس»‪.‬‬
                                       ‫عالم الممكن والقريب‪ ،‬عيد المشعور‬     ‫حكمت وصفوت الجعفري العلاقة‬
                                       ‫الولد الأشقر الحافي الذي يتطلع في‬    ‫الطلسم‪ ،‬فبرغم أنها زيجة تبدو في‬
                                        ‫وجوه النساء بلا مبرر‪ ،‬عيد الذي‬      ‫ظاهرها منصفة‪ ،‬إلا أن ما طرأ على‬
                                                                           ‫الفتاة من ذبول ونحول‪ ،‬من تدخين‬
                                                                           ‫وارتياد أماكن السهر بصحبة رجال‬

                                                                              ‫غير زوجها يفتح الباب لعشرات‬
   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262   263