Page 161 - merit 40 apr 2022
P. 161

‫‪159‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

‫عدل عن ذلك وأقر ما فعله عثمان‪.‬‬           ‫عبد الله بن مسعود ومصحف‬               ‫بكونهم أعضاء لجنة جمع‬
‫وبقيت الصحائف التي كانت لدى‬                ‫علي بن أبي طالب ومصحف‬        ‫القرآن؛ أي أن ما كتب عنهم وعن‬
‫حفصة بعد أن أعادها إليها عثمان‬                                          ‫تاريخهم يبدأ من بعد هذه اللحظة‬
 ‫بعد أن أتم عملية الجمع والنسخ‪،‬‬          ‫أُب ّي بن كعب ومصحف عائشة‬
 ‫وطلبها منها عبد الملك بن مروان‬       ‫ومصحف عبد الله بن الزبير أحد‬         ‫المهمة في حياتهم وليس قبلها‪.‬‬
‫ولكنها رفضت أن تعطيها له حتى‬          ‫أعضاء اللجنة ومصاحف آخرين‪،‬‬          ‫كان الجمع الأول للقرآن هو ما‬
‫توفيت‪ ،‬وطلبها من أخيها وأعطاها‬         ‫ولكن تم اعتماد نسخة مصحف‬           ‫قام به زيد بن ثابت في عهد أبي‬
 ‫له‪ ،‬وقام عبد الملك بإحراقها عم ًل‬      ‫لجنة عثمان فقط وإحراق كل ما‬       ‫بكر‪ ،‬وكان الشرط الذي وضعه‬
                                                                           ‫له أبو بكر هو وجود شاهدين‬
   ‫بما قام به عثمان من قبله‪ .‬أي‬           ‫عداها‪ .‬يورد القاضي أمثلة لما‬
  ‫أن الروايات تتجه كلها في اتجاه‬        ‫في هذه المصاحف من اختلافات‬            ‫على أن الآية تم كتابتها بين‬
   ‫رضاء الصحابة كلهم حتى من‬            ‫عن مصحف الإمام المعتمد‪ ،‬ومن‬        ‫يدي الرسول وأنها مما ثبت في‬
                                        ‫هذه الأمثلة أجد مث ًل «وحافظوا‬    ‫العرضة الأخيرة‪ .‬هذا مع الأخذ‬
             ‫عارضوا في البداية‪.‬‬        ‫على الصلوات والصلاة الوسطى‬         ‫في الاعتبار اعتماده على المصدر‬
‫نسخ عثمان ‪ 6‬نسخ من المصحف‬                                                  ‫الأول وهو ما وقر واستقر في‬
                                         ‫وصلاة العصر»‪ ،‬في مصحفي‬            ‫صدور الصحابة وحفظوه‪ .‬أي‬
   ‫ليرسلها إلى الأمصار في الدولة‬         ‫عائشة وحفصة‪ ،‬ألا يعني ذلك‬         ‫أنه اعتمد على الحفظ الشفاهي‬
     ‫الإسلامية‪ ،‬الكوفي‪ ،‬البصري‪،‬‬                                         ‫للقرآن في صدور الرجال والحفظ‬
                                            ‫وجود الآية مكررة مكتوبة‬
 ‫الشامي‪ ،‬المكي‪ ،‬المدني العام لأهل‬        ‫وموثقة في أكثر من نسخة‪ ،‬ألا‬           ‫المكتوب على عسب النخيل‬
   ‫المدينة والمدني الخاص بعثمان‬           ‫يعني ذلك أن الآية تحتمل أن‬     ‫والألواح واللخاف‪ .‬وجمع كل ما‬
    ‫والذي سمي بالمصحف الإمام‬            ‫تكون صحيحة على هذا الشكل؟‬        ‫كان مكتو ًبا وشهد عليه شاهدين‬
                                         ‫لماذا إذن لم يؤخذ بها واستقر‬
‫لأنه أول مصحف تم نسخه وعنه‬             ‫الرأي على أن تكون كما هي عليه‬       ‫ماعدا آخر آية في سورة التوبة‬
 ‫أخذت باقي النسخ‪ .‬أرسل عثمان‬              ‫الآن؟ وهناك أمثلة عديدة على‬    ‫«لقد جاءكم رسول من أنفسكم»‬
 ‫مصحف لكل مصر من الأمصار‬               ‫وجود اختلافات في بعض الآيات‬
  ‫وأرسل معه قار ًئا يعلِّم أهل تلك‬      ‫في هذه المصاحف عن المصحف‬            ‫التي لم يجدها مكتوبة إلا مع‬
  ‫البلاد القراءة الصحيحة للقرآن‪،‬‬                                        ‫خزيمة الأنصاري فقط‪ ،‬ولكن كان‬
 ‫لأن المصحف عندما ُنسخ لم يكن‬               ‫الإمام لكن هذه الاختلافات‬
  ‫منقو ًطا ولا مش َّك ًل‪ ،‬وكان لا بد‬  ‫مكررة في أكثر من مصحف‪ .‬لماذا‬         ‫كثير من الصحابة يحفظونها‪.‬‬
  ‫من الاعتماد على من يحفظه عن‬                                              ‫وتم الجمع والحفظ في صحف‬
                                                    ‫إذن لم يؤخذ بها؟‬    ‫تم حفظها عند أبي بكر وعمر من‬
  ‫ظهر قلب كي يتمكن من تعليمه‬                                                ‫بعده ثم حفصة بنت عمر وأم‬
  ‫لأهل تلك البلاد الذين لم يكونوا‬             ‫***‬
                                                                                              ‫المؤمنين‪.‬‬
      ‫على علم باللغة العربية بعد‪.‬‬      ‫أخي ًرا وبحسب ما ذكره القاضي‬      ‫ما سبق يعني أن الجمع الذي تم‬
‫وبهذا فقد كانت لجنة الأربعة التي‬      ‫فإن كل الصحابة ممن كان لديهم‬      ‫في عهد أبي بكر قد تم بعد التوثق‬
                                                                         ‫والتأكد من أن الآيات تم حفظها‬
   ‫كونها عثمان بن عفان هي من‬             ‫نسخهم من المصحف على غير‬         ‫وكتابتها بين يدي الرسول‪ ،‬لماذا‬
‫اختارت ونسخت وكتبت المصحف‬              ‫نسخة المصحف الإمام قد قاموا‬
                                      ‫بإحراق نسخهم وهم راضون عن‬            ‫إذن يعيد عثمان عملية التوثيق‬
   ‫الشريف الذي بني عليه جميع‬           ‫قرار عثمان‪ ،‬لأن فيه درء للفتنة‪،‬‬          ‫والتثبت من صحة الآيات‬
   ‫النسخ التي دخل عليها التنقيط‬        ‫وحتى من كان معار ًضا في بادئ‬
  ‫والتشكيل والإعراب‪ ،‬وبعد ذلك‬                                               ‫بعرضها على الصحابة كلهم‪،‬‬
  ‫أرقام الآيات وعدد آيات الحزب‬           ‫الأمر مثل عبد الله بن مسعود‬        ‫حسب ما ذكر القاضي؟ ليس‬
   ‫الواحد وما إلى ذلك من الشكل‬        ‫كما تشير المرويات أنه عارض في‬       ‫هذا فقط بل ذكر أي ًضا أنه كانت‬
    ‫المتعارف عليه الآن للمصحف‬          ‫البداية لأنه لم يكن ضمن اللجنة‪،‬‬   ‫هناك مصاحف لبعض الصحابة‬
                                                                            ‫مثل مصحف عمر ومصحف‬
                       ‫الشريف‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166