Page 157 - merit 40 apr 2022
P. 157
155 تجديد الخطاب
ويسوقها في سياق أنها آخر ما ويتساءل جمال عمر :هل هذا وقد كان الناسخ والمنسوخ هو
نزل من القرآن فهو الناسخ لما التوتر الظاهر في الآيات نات ٌج إحدى آليات الفقهاء قدي ًما وحديثًا
عداه. عن أن آيات القرآن تصور لرفع هذا التوتر وإزالة الإشكال
وحين ياتي فقيه آخر يريد أن الواقع والحال وقت الوحي أم القائم ،وذلك في حالة عدم
يؤكد قيم التسامح والموادعة، هي تشريعات وأحكام تنسخ
أو إلى تحسين صورة الإسلام تشريعات أخرى؟ ويري أن مقولة تمكنهم من التوفيق بين الآيات
فإنه سيبرز الآيات التي تتحدث الناسخ والمنسوخ كانت أكبر المتعارضة .وعلي الرغم من ا ّطراد
عن النبي كرحمة للعالمين ،وعن رافعة استخدمها الفقيه المسلم
الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، كأداة لرفع التوتر سعيًا للوصول التوتر -بالمعني المذكور -في
وأن الفصل بين العقائد سيكون إلى ضوابط لسلوك المسلمين من آيا ٍت كثيرة تتناول موضوعات
يوم القيامة وليس في الدنيا..
القرآن. شتَّي إلا أن نظرية الناسخ
وهكذا. وهو يرى -كذلك -أن الإشكالية والمنسوخ ظهرت في محاولة
وعلي الرغم من أن كتاب عمر تبدأ من التعامل مع القرآن ككتاب الفقهاء –تحدي ًدا -رفع التوتر
يثير من التساؤلات أكثر ما يعطي له نص بين دفتين وليس باعتباره القائم بين آيات الأحكام ،وهو
من إجابات ،ويعتمد على العرض خطا ًبا كما هو حاله وقت التنزيل، ما حاول عمر إبرازه من خلال
التحليلي أكثر من اعتماده على ذلك أن الكتاب بالتعريف ينبغي الأمثلة التي ذكرها لموضوعات
اتخاذ موقف تفسيري ،إلا أنه أن تكون له بؤرة معنى ومركز الأحكام التي وقع التوتر في
يخلص بالقارئ في نهاية كتابه آياتها مثل :الآيات التي تحدثت
الذي اعتبره مجرد مقدمة! إلى دلالة ،وهنا يأتي الدور على عن تحريم الخمر ،الآيات التي
أن التوتر الذي أفني الفقهاء/ الفقيه /المتكلم /المف ّسر ليحدد تحدد الموقف من أهل الكتاب،
المتكلمون /أوقاتهم في محاولة وفق رؤيته /انتماءاته /فرقته الآيات التي تحدثت عن عدة المرأة
رفعه بشتي السبل ،ليس نقيصة ما ينبغي أن يكون هو البؤرة أو والاختلاف فيها ،حد الزنا بين
نحاول تنزيه القرآن الكريم عنها، المركز ،وبالتالي يبدأ في تنحية/ آيتي سورتي النساء والنور،
وإنما هو جزء لا يتجزأ من بنية إزالة كل ما عداه .وقد ضرب العلاقة بين آيات الرحمة والدعوة
القرآن باعتباره خطا ًبا ،بل هو ما بالحكمة والموعظة الحسنة ،وآيات
يجعل هذا النص قاد ًرا على توليد لذلك أمثلة جديرة بالوقوف القتال وإعمال السيف في الكافرين
المعاني من جديد عبر الأجيال ،أو أمامها وتأملها .فحين يدافع وأهل الكتاب المحاربين ،الآيات
هذا ما وصلني من محاولته الفقيه المسلم عن النبي كسلطة، التي تتحدث عن النبي ودوره
وعن قوة الإسلام وفرضه كنبي أُر ِسل رحمة للعالمين أو
الجهاد لنشر الدعوة ،سيبرز آيات كسلطة واجبة الانقياد لها وعدم
القتال ويجمعها في سياق واحد،
مخالفتها.