Page 153 - merit 40 apr 2022
P. 153

‫‪151‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

               ‫طه جابر العلواني‬               ‫حسن حنفي‬                         ‫يعيد صياغة العلوم النقلية‪،‬‬
                                                                             ‫وينطلق مما كتبه الأوائل غير‬
  ‫بأنهم قلة لا تمثل التيار الغالب‪،‬‬     ‫من ابن الجوزي ليقول‪ :‬والعلم‬          ‫معلن رفضه له من حيث المبدأ‪،‬‬
      ‫ُتس ِقط الزمان من الحساب‪،‬‬        ‫بالناسخ والمنسوخ فضيلة لأنه‬        ‫ليتحرك به ومن خلاله إلى هدفه‬

‫والتطور من الوحي‪ ،‬إنكار النسخ‬           ‫عل ٌم بالتغير والتطور بأولوية‬                         ‫التجديدي‪.‬‬
      ‫إنكار للتغيير والتغيير سنة‬    ‫الواقع على النص و ُيحيل في نهاية‬            ‫فتراه يق ِّدم قراءته للناسخ‬
     ‫الكون‪ ،‬وهو دفا ٌع عن القرآن‬    ‫الكلام لكتاب ابن الجوزي نواسخ‬        ‫والمنسوخ ليس باعتباره أداة لرفع‬
                                                                         ‫التوتر أو إزالة الإشكال الذي ًعني‬
‫جه ًل بالواقع ظنًّا أن التغيير عيب‬                          ‫القرآن‪.‬‬      ‫الأقدمون بإزالته من خلال وضع‬
   ‫ونقص وهو من مظاهر الكمال‬            ‫وإذا كان التيار الغالب هو تيار‬      ‫نظرية الناسخ والمنسوخ‪ ،‬وإنما‬
          ‫(ك ّل يو ٍم هو في شأن)‪.‬‬   ‫القول بالنسخ‪ ،‬فإن الدكتور حنفي‬           ‫باعتباره در ًسا في التجريب‬
     ‫والدكتور حنفي يقرأ الناسخ‬       ‫يسير مع التيار الغالب لكن نحو‬        ‫والتعديل طب ًقا للظروف المتغيرة‪،‬‬
                                        ‫هدفه هو‪ .‬فإذا كان ابن سلام‬          ‫فمنهج الوحي ‪-‬طب ًقا لحنفي‪-‬‬
‫والمنسوخ قراء ة تراثية متفحصة‬          ‫(‪224‬هـ) ينكر على الرافضين‬           ‫منهج تجريبي‪ ،‬وهو يري أنه لا‬
    ‫مدققة مستوعبة للتفاصيل ثم‬                                            ‫ُي ِضير الوحي ولا يضره أن تتغير‬
   ‫يعيد صياغتها تفسي ًرا ليتحرك‬            ‫للقول بالنسخ فيقول‪ :‬وقد‬            ‫أحكامه طب ًقا لتغير الظروف‪،‬‬
       ‫بها خطوة خطوة إلى هدفه‬          ‫قال قوم ليس في القرآن ناسخ‬               ‫فالتغيير سنة الكون‪ ،‬وهو‬
    ‫التجديدي من النقل إلى العقل‪.‬‬     ‫ومنسوخ‪ ،‬وهؤلاء قوم عن الحق‬                 ‫العنصر الثابت في الحياة‪.‬‬
                                      ‫ص ُّدوا وبأنفسهم عن الله ر ُّدوا‪،‬‬      ‫وينطلق حنفي في قراءته لكل‬
‫ويتساءل في هذا الإطار‪ :‬هل يجوز‬        ‫فإنه يجعلهم في سياق من ينكر‬             ‫ما كتبه القدماء ‪-‬في القضية‬
 ‫إذا ما تغيرت الظروف العودة إلى‬      ‫معلو ًما من الدين بالضرورة‪ .‬في‬          ‫موضوع البحث‪ -‬من المنطلق‬
  ‫حكم المنسوخ دون الناسخ‪ ،‬مثل‬          ‫حين أن الدكتور حنفي يتوافق‬            ‫ذاته‪ ،‬فهو يري أن عدم جواز‬
  ‫بعض المجتمعات التي استشرى‬                                                ‫نسخ الحكم قبل العمل به ‪-‬كما‬
                                         ‫مع ابن سلام في الإنكار على‬           ‫نقل ذلك عن ابن الجوزي في‬
     ‫فيها شرب الخمور ويصعب‬             ‫الرافضين للقول بالنسخ‪ ،‬لكن‬         ‫نواسخ القرآن‪ -‬حتى يظهر عدم‬
  ‫اقتلاعه عن طريق التحريم‪ ،‬هنا‬         ‫دوافعه مختلفة‪ ،‬فتراه يصفهم‬             ‫التطابق بين الحكم الشرعي‬
   ‫يمكن العودة إلى المراحل الأولي‬                                          ‫والواقع المتغير الجديد (والكلام‬
                                                                          ‫للدكتور حنفي على الرغم من أن‬
                                                                           ‫القارئ قد يتوهمه من تعبيرات‬

                                                                                           ‫ابن الجوزى)!‬
                                                                            ‫وابن الجوزي في كتابه سالف‬

                                                                               ‫الذكر يعقد با ًبا بعنوان باب‬
                                                                             ‫فضيلة علم الناسخ والمنسوخ‬

                                                                                ‫والأمر بتعليمه‪ ،‬وينقل فيه‬
                                                                           ‫مقولات لجمهرة من العلماء عن‬
                                                                          ‫فضيلة‪ /‬ضرورة العلم بالناسخ‬

                                                                             ‫والمنسوخ قبل التص ِّدي للقول‬
                                                                            ‫في القرآن أو الاشتغال بالفتيا‪،‬‬
                                                                              ‫فيلتقط الدكتور حنفي الخيط‬
   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158