Page 148 - merit 40 apr 2022
P. 148

‫«غريفو»‪ ،‬ابنه من زوجته الثانية‪،‬‬                              ‫العـدد ‪40‬‬                            ‫‪146‬‬
‫جز ًءا من المملكة‪ .‬بعد وفاة مارتل‬
                                                                             ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬     ‫الأخلاقية الدينية وغير الدينية‬
  ‫قبض شارلمان على غريفو وأمه‬                                                                        ‫التي عرفتها البشرية‪.‬‬
   ‫وحبسهما ك ًّل في دير‪ .‬لكن في‬     ‫لأن أباه لم يو ِص له‪ ،‬وذلك لكونه‬
   ‫العام ‪ 747‬أُجبر هو نفسه من‬         ‫كان ابنًا غير شرعي‪ ،‬وإثر وفاة‬                      ‫في منتصف القرن الثامن الميلادي‪،‬‬
‫قبل أخيه بيبن الثالث على ترك ما‬         ‫والده حبسته زوجة أبيه التي‬                           ‫وبينما كان الشرق الإسلامي‬
‫في يديه والانزواء في أحد الأديرة‪،‬‬     ‫أرادت توريث المنصب لحفيدها‪،‬‬                               ‫قد شهد للتو إزاحة التغلب‬
  ‫وإن ُكتب في الدوريات السنوية‬            ‫وذلك لعلمها بمكانة مارتل‬
   ‫للمملكة بأنه فعل ذلك بمحض‬            ‫وطموحاته‪ .‬لكن مارتل هرب‬                            ‫الأموي على يد التغلب العباسي‪،‬‬
                                      ‫من السجن وجمع أتباعه وعقد‬                                ‫شهد الغرب المسيحي إزاحة‬
                        ‫إرادته‪.‬‬      ‫تحالفات وخاض معارك استطاع‬                                ‫الأسرة الميروفنجية من حكم‬
 ‫كان الملك الميروفنجي «شيلدريك‬         ‫في نهايتها اخضاع زوجة أبيه‬
                                      ‫وهزيمة منافس آخر كان انتهز‬                           ‫الممالك الفرنجية على يد الأسرة‬
      ‫الثالث» مجر ًدا من السلطة‬          ‫الأزمة فتولى بالتغلب رئاسة‬                                         ‫الكارولنجية‪.‬‬
    ‫وليس له سوى اللقب‪ ،‬وكان‬                     ‫البلاط في نويستريا‪.‬‬
    ‫بيبن الثالث هو الحاكم الفعلي‬      ‫أصبح مارتل سي ًدا لا منازع له‬                                  ‫***‬
   ‫ويطمح بالمنصب‪ ،‬ولأجل ذلك‬            ‫في الممالك الفرنجية‪ ،‬خصو ًصا‬                        ‫بين الأعوام (‪ )741 -718‬تولى‬
‫بعث في العام ‪751‬م اثنين من أهم‬        ‫بعد أن انتصر على عبد الرحمن‬                         ‫القائد العسكري «شارل مارتل»‪،‬‬
   ‫مستشاريه إلى روما ليطرحوا‬         ‫الغافقي في معركة بواتييه (بلاط‬
   ‫السؤال التالي على البابا زكريا‪:‬‬      ‫الشهداء ‪732‬م) فرد جيوش‬                                 ‫وهو من الأسرة الجرمانية‬
   ‫« َمن يجب أن يكون مل ًكا‪ ،‬ذلك‬     ‫المسلمين عن قلب أوروبا وصار‬                               ‫الكارولنجية‪ ،‬منصب رئيس‬
    ‫الذي لا يملك سوى اللقب‪ ،‬أم‬       ‫ُينظر إليه على أنه منقذها وحامي‬                     ‫البلاط في الممالك الفرنجية الثلاث‪:‬‬
  ‫ذلك الذي يملك السلطة؟ فجاءه‬            ‫المسيحية فيها‪ ،‬بالإضافة إلى‬                          ‫«أوستراسيا» و «نويستريا»‬
  ‫الجواب‪« :‬من الأفضل أن يكون‬            ‫أنه ساند القديس «بونيفاس»‬                           ‫و» ُبر ُغند»‪ ،‬التي كانت تحكمها‬
      ‫َمن بيده السلطة هو الملك»‪.‬‬        ‫على تحويل الجرمان النازلين‬                          ‫الأسرة الجرمانية الميروفنجية‬
    ‫على الفور أرسل «بيبن» المل َك‬     ‫وراء نهر الراين من الوثنية إلى‬                      ‫منذ قرنين ونصف‪ ،‬وذلك بعد أن‬
     ‫الميروفنجي وعائلته إلى أحد‬         ‫المسيحية الكاثوليكية وتنظيم‬                         ‫َأخ َضعت بقيادة الملك «كلوفيس‬
                                                          ‫كنيستهم‪.‬‬                        ‫الأول» قبائل الجرمان القاطنة في‬
       ‫الأديرة ودعا «النبلاء» إلى‬          ‫لك ْن على الرغم من ذلك لم‬                     ‫بلاد الغال ثم ورثت الإمبراطورية‬
   ‫الاجتماع لينتخبوه مل ًكا‪ ،‬فكان‬      ‫ينجح مارتل في اعتلاء العرش‬                          ‫الرومانية الغربية التي كانت قد‬
  ‫له ما أراد‪ ،‬وبذلك انتهى رسميًّا‬     ‫بسبب غضب البابوية عليه لأنه‬                           ‫سقطت بسقوط روما في العام‬
 ‫حكم الأسرة الميروفنجية‪ ،‬و ُتوج‬         ‫كان قد رفض مساعدتها ضد‬
‫الحكم الفعلي للأسرة الكارولنجية‬      ‫أعدائها اللومبارديين الذين كانوا‬                                              ‫‪.476‬‬
                                       ‫متحالفين معه في صراعه ضد‬                               ‫كان جد مارتل «بيبن الأول»‬
              ‫بـ»فتوى» التغلب‪.‬‬        ‫المسلمين في إسبانيا؛ فض ًل عن‬                        ‫وصل إلى منصب رئاسة البلاط‬
                                      ‫انتزاعه جانب كبير من أراضي‬                           ‫في «أوستراسيا» فحول المنصب‬
        ‫***‬                         ‫الكنيسة لإعداد الجيوش من أجل‬                              ‫بالتغلب إلى وراثي على غرار‬
                                                              ‫ذلك‪.‬‬                          ‫المنصب الملكي‪ ،‬ولما توفي ورث‬
         ‫إن دولة المواطنة المدنية‬                                                         ‫رئاسة البلاط ابنه «بيبن الثاني»‬
 ‫الديموقراطية هي دولة المساواة‬      ‫في العام ‪741‬م قسم مارتل المملكة‬                      ‫(‪ )714 -768‬الذي جمع بالتغلب‬
                                        ‫بين ولديه من زوجته الأولى‪:‬‬                          ‫أي ًضا منصب رئاسة البلاط في‬
    ‫في الحقوق الأساسية وتكافؤ‬                                                                 ‫«أوستراسيا» و «نويستريا»‬
   ‫الفرص للجميع دون النظر إلى‬        ‫«بيبن الثالث» و»شارلمان»‪ ،‬وقبل‬                            ‫وسلب الملوك الميروفنجيين‬
    ‫المنحدر الطبقي أو ال ِعرقي أو‬     ‫وفاته بقليل عدل وصيته فمنح‬
                                                                                                               ‫سلطاتهم‪.‬‬
                                                                                             ‫جاء تولي مارتل للمنصب بعد‬
                                                                                          ‫أزمة توريث دامت أربع سنوات‪،‬‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153