Page 146 - merit 40 apr 2022
P. 146

‫مع التدين»‪ ،‬أما المؤرخ والسياسي‬                               ‫العـدد ‪40‬‬                           ‫‪144‬‬
   ‫التركي فؤاد كوبريلي (‪-1888‬‬
    ‫‪ ،)1966‬فيقول في كتابه «قيام‬                                               ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬    ‫موضع ِه وعفى أث َره (ابن كثير‪:‬‬
   ‫الدولة العثمانية»‪« :‬لقد أُسست‬                                                             ‫البداية والنهاية‪ ،‬ج‪ 12‬ص‪/97‬‬
  ‫الدولة العثمانية في القرن الرابع‬        ‫تخر ْج عن المسار‪ .‬في كتاب ِه‪:‬‬                      ‫ابن الجوزي‪ :‬المنت َظم في تاريخ‬
    ‫عشر بعناص َر تركي ٍة خالصة‪،‬‬      ‫«الدولة العثمانية المجهولة»‪ ،‬وهو‬                     ‫الملوك والأمم‪ ،‬ج‪ 13‬ص‪ /308‬ابن‬
                                                                                             ‫العبري‪ :‬مختصر تاريخ الدول‪،‬‬
 ‫فلما آ َل أم ُرها بعد النصف الثاني‬      ‫عبارة عن ثلاثمئ ٍة وثلاث ٍة من‬                     ‫ص‪ .138‬بروايا ٍت مختلفة بعض‬
   ‫من القرن الخامس عشر إلى أن‬        ‫الأسئلة والأجوبة «توضح حقائ َق‬                         ‫الشيء)‪ ،‬وتسببت هذه العصبية‬
                                     ‫غائب ًة» حول الدولة العثمانية‪ُ ،‬يقر‬                     ‫التركية بوجود خليفتين في آ ٍن‬
 ‫ُتصبح إمبراطوري ًة كبيرة تسيطر‬       ‫المؤلف د‪.‬أحمد آق كوندوز‪ ،‬وهو‬                        ‫واحد هما المستعين في بغداد وابن‬
  ‫على عناص َر مختلفة‪ ،‬دخلت على‬        ‫«باح ٌث متميز له سع ٌة ودراي ٌة في‬                   ‫عمه المعتز في سامراء‪ ،‬وذلك على‬
   ‫الجهاز الإداري عناص ُر أجنبي ٌة‬   ‫الدراسات العثمانية» بأن الخلاف َة‬                     ‫غرار الانشطارات السابقة‪ .‬يعزز‬
 ‫متعثمنة»‪ ،‬وذلك «ليس دلي ًل على‬      ‫نوعان‪ :‬الأول‪« :‬الخلافة الحقيقية‬                      ‫ذلك أن الكثير من «الخلفاء» كانوا‬
   ‫عجز الترك» لأنه حصل نتيجة‬
     ‫التوسع‪ ،‬وهو ذا ُت ما حص َل‬         ‫أو الخلافة الكاملة الحائزة على‬                         ‫قد أساءوا إلى موقع الخلافة‬
     ‫في الإمبراطوريتين العباسية‬            ‫الشروط (‪ )..‬والتي َت َتحقق‬                            ‫وتصرفوا بشك ٍل بعي ٍد عن‬
  ‫والبيزنطية‪ ،‬وف ًقا لقراءة كوبرلي‬
            ‫وتفسيره (ص‪.)145‬‬          ‫نتيجة الانتخاب برضى المسلمين‬                          ‫مقتضياتها ومسؤولياتها الكبيرة‬
     ‫و ُين ِسب كوندوز إلى كوبرلي‬         ‫وبيعتِهم‪ ،‬و ُيطلِق عليها الفقيه‬                        ‫عن حياة الناس ورفاهيتهم‬
     ‫إدرا َجه «الخواص العنصرية‬
    ‫والعرقية القوية للأتراك» بين‬       ‫التركي الكبير «صدر الشريعة»‬                        ‫وأمنهم وسلامهم الذي ينشدونه‪،‬‬
 ‫العوامل التي لعبت دو ًرا مهما في‬    ‫خلافة النبوة»؛ والثاني‪« :‬الخلافة‬                         ‫فبذروا‪ ،‬هم والسلاطين الذين‬
   ‫تأسيس الدولة العثمانية‪ ،‬لكنه‬                                                             ‫كانوا يؤازرونهم وقاد ُة جن ِدهم‬
  ‫‪-‬أي كوندوز‪ -‬يقول إن الأتراك‬              ‫الشكلية أو الصورية‪ ،‬وهي‬                              ‫ووزراؤهم‪ ،‬أموا ًل طائل ًة في‬
                   ‫برا ٌء من ذلك‪.‬‬    ‫الإمامة غير الحائزة على الشروط‬                           ‫حروب تثبيت سلطة كل منهم‬
        ‫من الملاحظ أن «كوندوز»‬        ‫الضرورية‪ ،‬والتي لا تتم بطريق‬
   ‫ُيطلق على الفقيه الحنفي صدر‬       ‫انتخاب الأمة وبيعتها‪ ،‬بل بطريق‬                       ‫وتعزيزها‪ ،‬كما بذروها على لهوهم‬
   ‫الشريعة صفة التركي ‪-‬وليس‬                                                                   ‫وشهواتهم‪ .‬هذه الأموال التي‬
 ‫المسلم‪ ،-‬بينما ترف ُع كتب المذهب‬      ‫الجبر والإكراه والاستيلاء على‬                          ‫كانت ُتجبى على حساب ع َرق‬
      ‫الحنفي ن َسب ُه إلى الصحابي‬                           ‫الحكم»‪.‬‬                            ‫الفلاحين والباعة والحرفيين‬
     ‫العربي الخزرجي الأنصاري‬                                                                 ‫البسطاء‪ ،‬وغالبًا ما كان يرافق‬
   ‫ُعبادة بن الصامت‪ .‬وإذا أخذنا‬          ‫ويضيف كوندوز بأن «صدر‬
       ‫بقول كوندوز‪ ،‬فيعني ذلك‬        ‫الشريعة» (ت ‪747‬هـ‪1346 /‬م)‬                            ‫جبايتها القهر والتعسف والغصب‬
      ‫أن العصبية التركية ب ِشقها‬                                                            ‫حتى أن الإما َم أبا حنيفة عد كل‬
    ‫الفقهي في القرن الرابع عشر‪،‬‬              ‫«ف َتح طريق الخلافة أمام‬                      ‫ما عندهم حرا ًما‪ ،‬حيث ُيروى أنه‬
   ‫وقب َل ما سيجرى على يد ِشقها‬       ‫السلاطين العثمانيين عندما قال‪:‬‬                        ‫لما ندم المنصور على َج ْل ِده وأمر‬
  ‫السياسي‪ -‬العسكري في القرن‬                                                                 ‫له بثلاثين ألف درهم‪ ،‬مكان كل‬
                                         ‫«من بين الشروط المذكورة لا‬                          ‫سوط ألف درهم‪ ،‬رف َضها؛ ولما‬
‫اللاحق (الاستيلاء على بلاد الشام‬        ‫ُيب َحث عن الشروط التي غابت‬                          ‫قيل له ُخذها وتصدق بها قال‬
  ‫ومصر‪ ،‬وأ ْس ُر الخليفة العباسي‬                                                             ‫مرد ًدا‪« :‬وعندهم شيء حلال؟‬
     ‫المتوكل الثالث)‪ ،‬أس َقطت حق‬          ‫ولم تعد موجودة‪ ،‬وقد غاب‬                              ‫وعندهم شيء حلال؟» (ابن‬
                                     ‫شرط ال ُق َرشية في زماننا ولم يعد‬                      ‫مكي‪ :‬مناقب الإمام الأعظم‪ ،‬ج‪1‬‬

                                                          ‫موجو ًدا»‪.‬‬                                            ‫ص‪.)216‬‬
                                            ‫على الرغم من ذلك لا يجد‬                           ‫لم ت ِش ّذ الخلاف ُة العثمانية ولم‬
                                          ‫كوندوز مف ًّرا من القول‪« :‬لا‬
                                         ‫شك بأن سلاطين بني عثمان‬
                                       ‫كانوا من النوع الثاني»‪ ،‬و َينقل‬
                                        ‫عن المؤرخ التركي والوزير في‬
                                         ‫الدولة العثمانية أحمد جودت‬
                                      ‫باشا (‪ )1895 -1822‬قوله بأن‬
                                       ‫«الدولة ال َعلية (‪ )..‬قبيل ٌة جمعت‬
                                     ‫في ن ْف ِسها الصفات العالية للأتراك‬
   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151