Page 142 - merit 40 apr 2022
P. 142

‫أحيا ًنا بين الحنفية والشافعية‬                             ‫العـدد ‪40‬‬                          ‫‪140‬‬
‫من أهل السنة‪ ،‬والثانية‪ :‬عنصرية‬
‫تمثلت بالصراع التركي الإيراني‪،‬‬                                               ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬     ‫في دمشق وهو في التسعين من‬
‫والعربي ضد كليهما حيث حاولت‬                                                                 ‫عمره‪ ،‬وطرد عامل الأمين منها‬
                                       ‫فتغلب عليهم هذا العنصر فيما‬                         ‫وكاد أن يستقل بالشام واستمر‬
      ‫الدولة العربية الحمدانية في‬    ‫ب ْع ُد أكث َر مما تغلب الخراسانيون‬                     ‫تغلبه حتى انتهى أمر خلافته‬
    ‫عهد المتقي (‪333 -329‬هـ‪/‬‬                                                               ‫على يد أحد أحفاد َمسلمة بن عبد‬
                                           ‫والفرس‪ ،‬ثم كانت المفارقة‬                        ‫الملك بن مروان الذي دعا لنفسه‬
       ‫‪944 -940‬م) الاستئثار‬           ‫الساخرة أ ِن استنج َد العباسيون‬                     ‫أي ًضا وبويع في حوران وأطراف‬
  ‫بالسلطة في بغداد والقضاء على‬                                                              ‫دمشق‪ ،‬وذلك حتى دخلها «اب ُن‬
   ‫النفوذ الفارسي والتركي فيها‪،‬‬             ‫ال ُسنة بال َد ْيلم الشيعة هذه‬
 ‫وحيث شن عليها البويهيون بعد‬           ‫المرة‪ ،‬أي بالإيرانيين البويهيين‬                        ‫َبي َهس»‪ ،‬زعيم القيسية‪ ،‬سنة‬
   ‫استيلائهم على بغداد (‪945‬م)‬            ‫الذين كانوا شيع ًة على المذهب‬                   ‫‪198‬هـ فهرب أبو العميطر وحفيد‬
                                      ‫الزيدي‪ ،‬فتغل َب هولا ِء أي ًضا ولم‬                 ‫مسلمة‪ ،‬وأقر المأمون «ابن بيهس»‬
        ‫حرو ًبا في الموصل وبلاد‬        ‫يب َق للخليفة سوى «الاسم على‬
‫الجزيرة؛ كما انعكس هذا الصراع‬        ‫المِنبر»‪ ،‬وآثروا َت ْرك الخلافة ُسني ًة‬                   ‫نائبًا له في الشام (الزركلي‪:‬‬
‫العنصري «بحرب الشوارع» التي‬           ‫ليس ُه َل بقا ُء الأمر في عصبيتهم‪،‬‬                 ‫الأعلام ج‪ 4‬ص‪ /303‬ابن الأثير‪:‬‬
                                        ‫لكنهم أثاروا الصراع الطائفي‬                       ‫الكامل في التاريخ‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪،377‬‬
   ‫كانت تجري أحيا ًنا بين العامة‬       ‫بوجه الخلافة وأججوه‪ ،‬وأذلوا‬                        ‫حوادث سنة ‪ /195‬ابن عساكر‪:‬‬
     ‫والأتراك في بغداد وجوارها‬                                                           ‫تاريخ دمشق‪ ،‬ج‪ 43‬ص‪-24‬ج‪53‬‬
                                         ‫الخلفاء واعتدوا على بعضهم‬
‫وصو ًل إلى سامراء التي «أضحت‬          ‫جسد ًّيا‪ .‬وعلى الرغم من محاولة‬                                          ‫ص‪.)257‬‬
      ‫مق ًّرا لعصبيتهم» (أ‪.‬د‪.‬عطية‬                                                          ‫في سنة ‪200‬هـ بايع الطالبيون‬
                                          ‫البويهيين استيعاب العنصر‬                        ‫محمد الديباج بن جعفر الصادق‬
  ‫القوصي‪ :‬تاريخ الدول المستقلة‬        ‫التركي والاستفادة منه لمصلحة‬                        ‫في مكة بأمرة أمير المؤمنين‪ .‬لكن‬
 ‫في المشرق عن الخلافة العباسية‬                                                             ‫«خلافة» الديباج انتهت في العام‬
 ‫ص‪ /22‬د‪.‬طقوش‪ :‬تاريخ الدولة‬                ‫سلطانهم‪ ،‬إلا أن «قوة الجند‬                     ‫ذاته حيث أعلن خلع نفسه بعد أن‬
                                        ‫الأتراك ازدادت وأضحت قو ًة‬
            ‫االعباسية‪ ،‬ص‪.)161‬‬          ‫لا يمكن الاستغناء عنها‪ ،‬فشكل‬                             ‫ظفرت به جيوش المأمون‪.‬‬
      ‫لم يقتص ِر الأم ُر على الدولة‬   ‫الأتراك وحدات الفرسان وشكل‬                         ‫وفي سنة ‪202‬هـ بايع العباسيون‬
   ‫الحمدانية‪ ،‬بل شمل ما زا َمنها‬
      ‫أو تلاها من دويلا ٍت قامت‬            ‫البويهيون وحدات المشاة»‬                             ‫في بغداد إبراهيم بن المهدي‬
   ‫على العصبية العربية كدويلات‬         ‫(د‪.‬محمد سهيل طقوش‪ :‬تاريخ‬                               ‫ولقبوه المبارك‪ ،‬وذلك نتيجة‬
                                                                                               ‫غضبِهم على المأمون بسبب‬
                                         ‫الدولة االعباسية‪ ،‬ص‪،)230‬‬                            ‫مبايعته لعليِّ الرضا من البيت‬
                                       ‫وأدى التنافس بين الطرفين إلى‬                         ‫الطالبي بولاية العهد‪ ،‬فتصدى‬
                                     ‫اندلاع الثورات والحروب الأهلية‪،‬‬                       ‫لهم الحسن بن سهل‪ ،‬والي ِه على‬
                                                                                           ‫العراق‪ ،‬وأخو وزي ِر ِه الفارسي‪،‬‬
                                                           ‫وصارت‬                            ‫الفضل بن سهل‪ ،‬غير أنه عجز‬
                                                       ‫بغداد مسر ًحا‬                           ‫عن ذلك وظل ابن المهدي في‬
                                                       ‫دمو ًّيا لصرا ٍع‬                     ‫بغداد خليف ًة لسنتين‪ ،‬أي حتى‬
                                                                                           ‫عودة المأمون إلى بغداد في سنة‬
                                                            ‫سياسي‬                        ‫‪204‬هـ‪ ،‬حيث غلب نفوذ العصبية‬
                                                           ‫مركب له‬
                                                           ‫واجهتان‪،‬‬                                ‫الفارسية على الخلافة‪.‬‬
                                                                                           ‫حاول العباسيون إقامة نو ٍع من‬
                                                             ‫الأولى‪:‬‬                       ‫التوازن بتقريب العنصر التركي‬
                                                       ‫طائفية تمثلت‬

                                                           ‫بالصراع‬
                                                            ‫السني‪-‬‬
                                                           ‫الشيعي‪،‬‬
                                                          ‫فض ًل عما‬
                                                         ‫كان يجري‬
   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147