Page 140 - merit 40 apr 2022
P. 140

‫العـدد ‪40‬‬                            ‫‪138‬‬

‫َكتِفاه»‪ ،‬وذلك بسبب حديث «ليس‬                                                 ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬  ‫البيت أسا ًسا وتوزع ِه بين التشي ِع‬
  ‫على مس َتكر ِه طلاق» الذي ُفسر‬                                                                                ‫والتسنن‪.‬‬
 ‫على أنه تحري ٌض لمن أُك ِرهوا على‬      ‫أخرى شكلت الأرضية لثورا ٍت‬                          ‫ش ِه َد عه ُد الراشدين تمردا ٍت‬
                                       ‫وتمردا ٍت شبه مستمرة قام بها‬                       ‫وثورا ٍت دموي ًة وحرو ًبا صارت‬
‫بيعة أبي جعفر المنصور العباسي‬         ‫الإسبان والأمازيغ وحتى العر ُب‬
   ‫للتنصل منها‪ ،‬وتعرض الإمام‬                                                                ‫في العهد الأموي أشد اتسا ًعا‬
                                                            ‫أنف ُسهم‪.‬‬                     ‫وأكث َر ضراو ًة بسبب العصبيات‬
  ‫جعفر الصادق لمضايقا ٍت كثير ٍة‬          ‫كان البحث عن غطا ٍء شرعي‬                           ‫التي أثارها الحكام الأمويون‬
‫وه َّم المنصور بقتله أكث َر من مرة‪،‬‬      ‫للعصبيات وطموحها في المُلك‬
                                        ‫س َببًا في دس الأحاديث النبوية‬                    ‫في تفضيل العرب على غيرهم‪،‬‬
   ‫وكاد الإمام الشافعي أن ُيق َتل‬        ‫وتأويل الصحيح منها تأوي ًل‬
‫على يد هارون الرشيد عندما شك‬            ‫يخدم عصبي ًة ما في هذا الحق‪،‬‬                      ‫كما لأن ُجلهم سا َر على نهج‬
                                      ‫أو في ذم عصبي ٍة أخرى ليحر َمها‬                     ‫التمايز القبلي وعمق النزاعات‬
            ‫بميله للبيت العلوي‪.‬‬      ‫منه؛ كما صار مدخ ًل لتسرب هذا‬
     ‫بسبب أداة السلطة هذه‪ ،‬أي‬          ‫الدس أو التأويل إلى كل المناحي‬                     ‫القبلية القديمة بين العدنانيين‬
   ‫الخلافة‪ ،‬جرى ما هو معروف‬                ‫التي اقتحم النشاط الفكري‬                       ‫والقحطانيين ( َقيسية‪ /‬يمنية)‪،‬‬
  ‫للإمام الحسين بن علي في عهد‬           ‫للمسلمين أبوابها حيث صارت‬                                ‫ول ِع َب على عداواتها‪ ،‬فكان‬
 ‫يزيد بن معاوية الذي استباحت‬           ‫قضية الإمامة القضية المحورية‬                       ‫بعضهم ُيمسك بلعبة التجاذب‪ ،‬أو‬
                                         ‫والسبب المباشر وغير المباشر‬
       ‫جيوشه بعد سنتين مدينة‬          ‫للتأويلات والتفسيرات ووجهات‬                          ‫التوازن بين الطرفين‪ ،‬وبعضهم‬
‫الرسول لأيا ٍم ثلاثة وقتلت الكثير‬       ‫النظر في كل العلوم المستحدثة‬
                                                                                          ‫كان ينحاز علنًا لهذا الطرف‬
      ‫من صحابته فيها وار َتكبت‬                                ‫تقريبًا‪.‬‬                        ‫أو ذاك‪ ،‬حتى َجع َل أتبا ُع هذه‬
     ‫بحق أهلها‪ ،‬الذين كان ُجلهم‬       ‫في إطار المحاولات الدائمة لتثبيت‬                     ‫العصبيات‪ ،‬و ُق َبيل سقوط دمشق‬
     ‫من اليمانية‪ ،‬أبشع الجرائم؛‬      ‫الشرعية تعرض الإمام أبو حنيفة‬                        ‫بيد العباسيين‪« ،‬في كل مسج ٍد من‬
  ‫مما دفع الكثير من الناجين إلى‬      ‫لل ِم َحن و ُجلد مر ًة على يد الأمويين‬               ‫مساجدهم ِقبل َت ْين‪ ،‬وفي المسجد‬
   ‫الهجرة نحو شمال أفريقيا ثم‬          ‫وأخرى على يد العباسيين ومات‬                         ‫هؤلا ِء‬  ‫ابلكخبطيبر ٍة ِمونإب َمرا ْيم‪،‬ن‪،‬وفهؤصللاى ِء‬
 ‫الأندلس حاملين معهم أحقادهم‬                                                              ‫بخطب ٍة‬
 ‫على القيسيين‪ ،‬خصو ًصا أن ُجل‬           ‫مسجو ًنا؛ و ُضرب الإمام مالك‬
     ‫الجيش الشامي المهاجم كان‬        ‫بالسياط و» ُمدت ي ُده حتى انخلعت‬                     ‫وإمام»‪ ،‬كما جاء في تاريخ دمشق‬
   ‫من العصبية القيسية‪ ،‬وهو ما‬
                                                                                          ‫لابن عساكر (ج‪ 37‬ص‪.)425‬‬

                                                                                          ‫ومثلما انتقل هذا الصراع إلى‬
                                                                                          ‫أمصا ٍر أخرى‪ ،‬انتقل إلى الأندلس‬

                                                                                                    ‫واستمر‬

                                                                                                    ‫فيها قبل‬

                                                                                                    ‫وبعد سقوط‬

                                                                                                    ‫الدولة الأموية‬

                                                                                                    ‫في دمشق‬
                                                                                                    ‫وقيا ِمها‬

                                                                                                    ‫هناك‪ ،‬فكان‬

                                                                                                    ‫واح ًدا من‬
                                                                                                    ‫عوامل عدم‬

                                                                                                    ‫الاستقرار‬

                                                                                                    ‫الذي غذته‬

                                                                                                    ‫أي ًضا‬

                                                                                                    ‫عصبيا ٌت‬
   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145