Page 135 - merit 40 apr 2022
P. 135

‫‪133‬‬                                                        ‫وتجربة الكتابة في متخيلها‪ .‬ونرى أهمية الجانب‬

   ‫لمقابلة حبيبته «مريم» يكون الموضوع هنا هو كيف‬        ‫المادي للدلالة التي تؤدي إلى كتابة الأفعال الجسدية‪،‬‬
‫يلتقي بها والرغبة إلى جانب الإرادة في فعل هذا اللقاء‪،‬‬
                                                       ‫وذلك يسمح بظهور بنية العاطفة بجوار الحكم العقلي‪،‬‬
     ‫ويكون هو المحرك لهذه الرغبة وهذه المشاعر من‬
 ‫الحب والولع والشوق‪ ،‬ونقرأ ما حدث من لقاء «ألهم»‬        ‫وفي هذه الحالة تكون العاطفة مرتبطة باللذات والألم‬
 ‫مع «مريم» الذي كان له تأثير كبير على سرد الرواية‬
 ‫من ص‪ 136‬إلى ص‪ 138‬وهروب «ألهم» نقرأ‪« :‬أقاوم‬              ‫وكثير من المشاعر بجوار الاحتياجات الفسيولوجية‬

   ‫طوال ال َّصباح وسوسة ال َّشيطان في أذني أن اذهب‬     ‫من مأكل ومشرب‪ ،‬ولذلك نجد مفردة جسد قد كتبت‬
                          ‫لمريم الآن فهي وحدها»‪.‬‬       ‫‪ 65‬مرة‪ .‬نقرأ ص‪« :65‬صحو ُت وجسدي فار ٌغ‪ ،‬ليس‬
                                                       ‫فيه أي شي ٍء‪ ،‬لا فر ٌح‪ ،‬ولا خوف‪ ،‬ولا حز ٌن‪ ،‬ولا فكر ٌة‬
‫إضافة إلى عاطفة الحب والمشاعر التي تنتج عن تفاعل‬
   ‫الحدث بعناصر النص الأخرى من أن بيت «مريم»‬               ‫واحد ٌة تنير طريقي‪ ،‬وتخرجني من تيهي في هذه‬
   ‫بجوار بيت «ألهم» على سبيل المثال‪ ،‬وكذلك المشاعر‬        ‫الصحراء الملعونة»‪ ،‬وكذلك ص‪« :109‬الآن يا ج ِّدي‬
          ‫التي تتولد لدى المتلقي من انفعاله بالنص‪.‬‬      ‫لا أمتلك إ َّل جسدي لأغامر به»‪ ،‬وكذلك ص‪« :132‬ثم‬
  ‫وتمتلك ذات المحب في العموم وذات «ألهم» و»مريم»‬
  ‫و»جميلة» و»لبيبة»‪ ،‬بل «عبد القادر» وأخته «رجاء»‬                 ‫يع ِّذبني جسد جميلة الذي أو ُّد افتراسه»‪.‬‬
                                                       ‫تقوم دلالة المشاعر والعاطفة هنا على محورين؛ محور‬
 ‫و»محمد» و»حورية» شحنات شعورية معقدة تتكون‬
‫من عوامل متجانسة ومتعاكسة ومتناقضة‪ ،‬تتحدد في‬            ‫الموضوع وما ينتج عنه من مشاعر فائضة تزيد من‬
 ‫كل لحظة من مسار الحدث والشخصية‪ ،‬وعلى جانب‬              ‫البنية النصية‪ ،‬فمث ًل‪ :‬سعي «ألهم» الذي يمثل المحب‬

  ‫آخر تتكون الشحنات الشعورية تراتبية وتتطور مع‬
 ‫هيمنة تطور الأحداث وتطور الشخصيات؛ إما الرغبة‬
  ‫في استمرار الحالة أو رفضها أو نسيانها‪ ،‬أو حدوث‬
‫تبعات أكبر من قتل أو انعزالية كما فعلت «مريم»‪ .‬نقرأ‬
‫ص‪« :155‬أغرقها في لجج متعة تنسيها إلى الأبد جسد‬

    ‫لبيبة»‪ ،‬وص‪« :128‬قلت له هل رأيت أنذل مني من‬
          ‫قبل؟ لقد نسيت رفاقي تما ًما‪ ..‬ربما ماتوا»‪.‬‬

      ‫وكذلك في موقف قتل «ألهم» لجميلة‪ ،‬هي لحظة‬
  ‫اعتراض شعوري لوجودها‪ ،‬فأراد أن تنقطع الصلة‬
   ‫بينهما‪ .‬حبه للسلطة والحكم كان أكبر من حبه لها‪.‬‬
   ‫ورغم أن الحب ينفي مفهوم الواحد ‪-‬الأنا‪ -‬ويظهر‬

     ‫الآخر في حالة من التعلق الوجداني‪ ،‬إلا أن أفعال‬
      ‫«ألهم» لها دلالة الأنانية‪ .‬نقرأ مشهد قتل «ألهم»‬
  ‫لجميلة ص‪ 204‬إلى ‪ ،205‬نقرأ «نامت هذه الم َّرة إلى‬

                                 ‫الأبد» ص‪.206‬‬
‫وهناك حالات تعلق شعوري مثل «حورية» و»الن َّحات»‬

   ‫وبين «رجاء» والجار‪ .‬وهناك نوع آخر من المشاعر‬
        ‫وهي الفضاء المزاجي للسرد‪ ،‬وذلك في تحقيق‬

   ‫دلالة تغيرات في العلاقات والأحداث وقيمة الحدث‪.‬‬
     ‫كالانتقال من موضوع محبب إلى مكروه‪ ،‬وبذلك‬

 ‫يحدث تغير مزاجية السرد‪ ،‬وبالتبعية المتلقي في حالة‬
          ‫دائمة للسرد في صورة ظواهره الشعورية‪.‬‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140