Page 133 - merit 40 apr 2022
P. 133

‫نون النسوة ‪1 3 1‬‬                                               ‫طفل ٌة إلا ويدها اليمنى تر ِّبت على كتفي‪ ،‬ترقيني أو‬
                                                                ‫تتمتم يا سطوة الله ح ِّل عقدة ما ربطوا‪ ،‬وشتِّتي‬
 ‫وتناقضاتها من مشاعر الحب والكره والخير الموجود‬              ‫شمل قو ٍم بنا اختلطوا‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬سيف الله قاطعهم‪.‬‬
     ‫داخله‪ ،‬والشر الذي يوسوس إلى نفسه ويقاومه‪،‬‬              ‫ولمَّا كبر ُت وكن ُت أصحو برفق على أصابعها القصيرة‬
                                                                ‫الحنون وهي تس ِّرح شعري‪ ،‬بينما تتمتم شفتاها‬
   ‫وهي شخصية في دلالتها تمثل الإنسان وما به من‬
‫مشاعر وصفات‪ ،‬فهو شجاع ومحارب وحالم وشرير‬                                                ‫بال َّصلاة على النب ّي»‪.‬‬

   ‫وصادق وكاذب وذكي‪ ،‬بل يصل في بعض المواقف‬                              ‫الشخصيات‬
   ‫لحد الدهاء‪ .‬وكذلك له مواقف متقلبة بحسب طبيعة‬
‫الموقف‪ ،‬بل يحدث تمويه محتمل أو تضليل ل َمن معه في‬             ‫كذلك من تقنيات السرد التجريبي التخلي عن البطل‬
 ‫الموقف‪ ،‬كما قال لسلطان إنه لا يعرف من أين أتى أو‬             ‫الرئيسي وكتابة الكثير من الشخصيات المؤثرة في‬
‫كيف وصل للكهف الخاص به‪ .‬ويصل التضليل مرحلة‬                   ‫حالة من توليد التفاعلية بين الشخصيات والأحداث‪،‬‬
  ‫كبيرة إلى درجة قتله جميلة زوجته وأم أولاده‪ ،‬وهو‬           ‫وكتابة الذوات القوية بجوار الذوات المحبطة في دلالة‬
‫بذلك لا يضلل الشخصيات التي يعيش معها في السرد‬              ‫الحرب الدائمة بين الإنسان وذاته‪ ،‬ونجد ذلك في كتابة‬
 ‫فقط‪ ،‬بل يضلل المتلقي ويترك معه تساؤ ًل عن طبيعة‬             ‫عدد كبير من الشخصيات مثل ألهم ومريم ووحيدة‬
‫شخصيته في دلالة عامة؛ أن مهما فهم وأدرك الإنسان‬            ‫وإنتصار وجميلة ولبيبة وغيرهم‪ .‬وكذلك عندما تغيب‬
‫طبيعة شخصية الآخر سيظل هناك الكثير من علامات‬                  ‫الفردية الواحدة في مجتمع ما تغيب هويته وتذوب‬
   ‫الاستفهام‪ ،‬بل الكثير من الأفعال غير المتوقعة منه‪.‬‬       ‫ذاته في الجماعة‪ ،‬ومن هنا تختفي الشخصية الحقيقية‬
‫شخصية «ألهم» كذلك تؤصل فكرة غريزة البقاء‪ ،‬فهو‬                   ‫ويظهر معها الشخصية التبعية‪ ،‬أي تتبع القانون‬
‫حارب الصحراء والضواري وعاش في الصحراء قرابة‬
  ‫السنوات الأربع‪ .‬نقرأ ص‪« :12‬ال َّشاطر ألهم سينجو‬               ‫الموجود بلا تفكير وتأصيل‪ .‬وذلك في تبعية أهل‬
                                                            ‫النبع للحاكم «سلطان»‪ ،‬بلا تفكير عندما هزم الشيخ‬
    ‫من ال َّضواري‪ ،‬ومن بنا ِت آوي‪ ،‬ومن الحيَّات التي‬
                       ‫تحت الأرض والتي فوقها»‪.‬‬                                                     ‫«بيدر»‪.‬‬
                                                            ‫فاعلية نشاط الشخصيات يستند إلى المرجح والمتخيل‬
  ‫هناك كذلك شخصية محورية وهي «وحيدة» الابنة؛‬
  ‫الرابط بين معظم الأحداث كأنها راوي المكنون الذي‬              ‫م ًعا‪ ،‬ولأن الشخصية بجوار تكوينها الواضح من‬
  ‫يفتح لنا الأبواب في مسار السرد‪ ،‬فهي فاعل وف َّعال‬           ‫صفات وشكل تمثل دلالة رمزية في النص وتشغل‬
‫ينقل ذاته وذوات أخرى‪ ،‬حتى عندما يتحدث «ألهم» في‬               ‫حي ًزا في هذا العالم التخيلي فتتعدد تأثيراتها في بنية‬
 ‫مسار السرد تكون هي أصل البداية‪ ،‬فهي تقرأ علينا‪:‬‬           ‫النص‪ ،‬وكلما زادت مواقف ونشاط الشخصية ظهرت‬
   ‫«كتاب ألهم»‪ ،‬المكتوب بضمير المتكلم‪ ،‬فنجد لوحيدة‬         ‫دلالة أفعالها وبنائها بهذا الشكل‪ .‬والشخصية لها دور‬
‫الابنة أث ًرا خفيًّا كأثر المشاعر على الإنسان‪ ،‬فيرتبط بها‬    ‫أساسي في فضاء السرد ولها دور آخر بتأثيرها في‬
 ‫المتلقي بمشاعر مكنونة‪ ،‬بل ينتظر ظهورها في ترقب‪.‬‬           ‫الشخصيات الأخرى‪ .‬ولذلك نجد النقلات المختلفة عبر‬
‫هناك شخصيات تيمية لها ظهور بأكثر من سمة‪ ،‬لكن‬               ‫فضاء السرد ساهم في توسيع تأثير هذه الشخصيات‬
                                                            ‫دون أن يكون لها رابط مادي واضح‪ ،‬ولكن هو رابط‬
    ‫تظهر سمة غالبة عن باقي السمات‪ ،‬مثل شخصية‬               ‫دلالي مثل أم ألهم «وحيدة» و»الحورية»‪ .‬نقرأ ص‪:113‬‬
    ‫«إنتصار» التي كانت تغير من «هند»‪ .‬نقرأ ص‪:61‬‬                ‫«أكملت هنا شهرين‪َ ،‬من يص َّدق أ َّنني مع نهايتهما‬
  ‫«وبعد أن رأتها إنتصار في الليلة الثالثة بقميص نوم‬           ‫أحببت «الحور َّية» كما أح ُّب أمي «وحيدة»؟!»‪ ،‬فهو‬
     ‫عا ٍر من الساتان اللامع جرتها من شعرها‪ ،‬وهي‬              ‫وجد في الحورية أمه‪ .‬وكذلك رابط الذكرى في ذهن‬
‫بقميصها‪ ،‬وأوصلتها إلى بيت أهلها في منتصف الليل»‪،‬‬            ‫«ألهم»‪ ،‬نقرأ ص‪« :220‬كان وجه جميلة قد تح َّول إلى‬
     ‫من «وحيدة» إلى درجة أنها كادت تقتلها حتى لا‬            ‫وج ٍه خلف شاشة ما مثل وجه أ ّمي «وحيدة» وج ّدي‬
‫تنجب من زوجها محمد‪ .‬نقرأ ص‪« :62‬عندما اكتشف ْت‬
‫«إنتصار» حملها ب َك أمسكت بها‪ ،‬وجلست عليها ولولا‬                                     ‫«ألهم» وحبيبتي مريم»‪.‬‬
 ‫ُصراخ وحيدة ووصولي أنا ‪-‬الجد‪ -‬والناس لما جئت‬              ‫شخصية «ألهم» وجودها محوري بمشاعرها المختلفة‪،‬‬

                                  ‫إلى هذه الدنيا»‪.‬‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138