Page 129 - merit 40 apr 2022
P. 129

‫نون النسوة ‪1 2 7‬‬

                    ‫حجرة الجدة وحيدة كتاب (ألهم) الذي يحكي فيه‬
                    ‫المسكوت عنه وما حدث له لمدة أربعين عا ًما‪ ،‬دون‬
                     ‫التح ُّرج من ذكر لقائه الحميمي بـ(مريم) مرو ًرا‬
                  ‫بعراكه مع أبناء غبريال واتهامه –خطأً‪ -‬بقتل ثلاثة‬
                   ‫منهم‪ ،‬ثم حياته في أرض النبع المق َّدس وتحوله إلى‬
                    ‫(الكبير)‪ ،‬وارتكابه جرائم القتل ليستأثر بالسلطة‪.‬‬
                  ‫تقول (الوريثة) «كتاب ألهم أجاب عن أسئلتي كلها‪..‬‬

                       ‫استبدل حياته هنا بجنته هناك‪ ،‬أراد أن يهرب‬
                     ‫لينقذ نفسه‪ ،‬ف ُولد في تيهه بنفس جديدة وجرائم‬
                  ‫أخرى»‪ .‬وبالمثل‪ ،‬يطرح (قبو بيت غبريال) بع ًدا آخر‬
                      ‫لـ(داخل الداخل) الذي تخرج منه (مريم)‪ ،‬التي‬
                    ‫كانت أحد أكبر الألغاز في الرواية وفي حياة القرية‬
                   ‫بأكملها؛ تقول الوريثة «أتأمل وقفتها بعد خروجها‬
                    ‫من الحائط‪ ،‬كانت فاردة ذراعيها لتستند بهما على‬
                  ‫حافتي الباب الصغير» لتك ِّفر عن دم إخوتها ولتك ِّفر‬
                   ‫عن خطيئتها‪ ،‬تصوم وتصلي فيه طوال أيام السنة‪.‬‬
                     ‫أما (الحديقة المحرمة) فإنها تحمل إجابة السؤال‬
                    ‫الأهم‪ ،‬ما سبب تحريم هذه الحديقة؟ يقول (ألهم)‬
                      ‫واص ًفا إياها «طوال سبعة أيا ٍم وست ليال وأنا‬
                      ‫أجوب كل أرجاء الحديقة المحرمة‪ ،‬دون أن أجد‬
                  ‫شيئًا ذا بال‪ ..‬لا وحو ًشا ولا وادي جن‪ ،‬لا شياطين‬
                  ‫ولا حتى ملائكة‪ .‬كانت مجرد حديقة غنّاء!» لم يكن‬
                      ‫هذا التحريم سوى الضمان لبقاء سلطة الحاكم‬
                       ‫(سلطان) وكأنه استراتيجية من استراتيجيات‬

                       ‫ضمان القوة‪ .‬فتقف تلك الحديقة كاشفة لطمع‬
                      ‫الإنسان ورغبته في الوصول إلى القوة والسلطة‬
                       ‫الكاملة حتى وإن تج ّرأ وأنكر وجود الموت‪ .‬لذا‬
                  ‫تنطق كبيسة العجوز بالحكمة في آخر الرواية عندما‬
                      ‫تقول «يبدو أن ملكية الأرض غريزية‪ ،‬يبدو أنها‬
                      ‫جرثومتنا البشرية» التي يمكن أن يقتل ويخون‬
                    ‫الإنسان ويمحو الذاكرة ويغسل الأدمغة من أجل‬

                                                    ‫الوصول إليها‪.‬‬
                   ‫وأخي ًرا‪ ،‬فإن رواية «الحديقة المحرمة» عمل متميِّز‪،‬‬

                        ‫يطرح عد ًدا من الجدليات داخل الإطار المكاني‬
                      ‫في النص السردي‪ ،‬وقد أدخلت الكاتبة عد ًدا من‬
                      ‫العناصر لتفجير طاقات جديدة داخل كل مكان‬

                        ‫من تلك الأمكنة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تطرح الكاتبة أبعا ًدا‬
                  ‫جديدة ورؤى مغايرة تساعد في الكشف عن مكنون‬

                                     ‫الصراعات النفسية والإنسانية‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134