Page 126 - merit 40 apr 2022
P. 126
العـدد 40 124
أبريل ٢٠٢2
الرواية؛ فهناك (القرية -الصحراء -أرض النبع
المقدس) ،إلا أ َّن عنوان الرواية لم يستأثر سوى
بـ(الحديقة المحرمة) رغم أنها الأقل حضو ًرا على
المستوى الفعلي للأحداث ،وذلك لأسباب سنتعرض
إليها لاح ًقا .تظل (الحديقة المح َّرمة) مكا ًنا مهيمنًا
على عقول أهل (أرض النبع المق َّدس) ،يحلم (ألهم)
بالذهاب إليها ،ليس طم ًعا فيها ولكن من باب
الفضول القاتل.
تتب ّدى جدلية الحضور والغياب كأحد الثيمات
الرئيسة في الرواية على مستوى الأمكنة وعلى
مستوى الشخوص ومدى حضورهم أو غيابهم عن
تلك الأمكنة .فـ(ألهم) الذي ف َّر بعد معاركته لأهل
غبريال وادعاء أخيه قتله ثلاثة من أبنائهم؛ يظل
ذكره قائ ًما وإن كان على استحياء؛ تقول الوريثة
«كانت سيرته من المح َّرمات الكبرى في بيتنا وفي
نجعنا كله» .ورغم فراره إلى الصحراء ،يختبئ
(ألهم) داخل أحد أنفاق جبالها الصلدة ليصل
فيما بعد إلى (أرض النبع المق َّدس) .وكذلك الحال
مع (مريم) التي اختفت بعد أن وضعت ابنتها
الوحيدة ،يظل ذكرها حاض ًرا بوجهها «البيضاوي
الذي يشبه الأيقونات المعلَّقة على جدار غرفتها»،
ولكن وللمفارقة تمكث (مريم) في داخل جدار تلك
الغرفة مختبأة لمدة أربعين عا ًما .وعليه ،تتحول
العوالم المكانية من حيث علاقتها بالشخوص إلى
عالمين متضا َّدين متكاملين :الداخل والخارج؛
الخارج الذي يمثل الخوف والقتل والتيه الجسدي
والنفسي (خارج بيت ألهم الكبير -خارج بيت
غبريال -خارج أرض النبع المق َّدس) حيث تمتد
الصحراء بوحوشها الضارية ،بينما يمثل الداخل
مركز الحماية والذاكرة (داخل بيت ألهم الكبير-
داخل بيت غبريال -داخل أرض النبع المق َّدس) .لم
تقف الرواية عند طرح هذين المستويين من الأمكنة،
وإنما تطرح أي ًضا الداخل الأشد خصوصية ،أو
(داخل الداخل) الذي يحمل أجوبة على تساؤلات
الوريثة كما يتب َّدى في (كتاب ألهم بحجرة الجدة-
قبو بيت غبريال -الحديقة المحرمة) .ومن ثم،
يختلف مستوى السرد من مكان لآخر أو من
مستوى لآخر (الخارج -الداخل -داخل الداخل).