Page 122 - merit 40 apr 2022
P. 122
العـدد 40 120
أبريل ٢٠٢2
السرد باتجاه عدم اليقين وإضاعة بوصلة
التعاطف الكلي مع ألهم الغريب ،وهي الوسيلة التي
استعملتها الرواية لإعادة خلخلة اليقين وفرض
منطق التيه.
للوهلة الأولى يشعر القارئ أن مثل هذه المدونة
تبدو مقحمة في النص الروائي وفائضة عن حاجة
الفكرة الأساسية ،لكنها في الواقع تلقي على الحكاية
الكثير من الإضاءات التي تفتح القراءة أكثر نحو
مزيد من التشويق.
«منذ أن رأيت هذا الغريب ،وأنا لا أنام لي ًل
ولا نها ًرا ،أتبعه مثل ظلة ،دون أن يشعر بي
كما أوصاني أبي ،لعلنا نعرف من أين نفذ إلى
أرضنا ،ثم أنقل إليه كل أخباره ،بعد أن يعود
من جولاته الخرقاء في وادينا ،هذا الرجل الغبي
مسكين ولا يعلم بعد أننا نعيش في بيضة هائلة
الحجم ،ليس لها مخرج ،ولكن المعتوه يظن أننا
لم نحاول الهرب مثله»(.)9
ثال ًثا :تعدد الأصوات أو الأسلبة
ميزة رواية (الحديقة المحرمة) للكاتبة سهير
المصادقة أنها رواية فكرية تشبه تجربة فلسفية أو
جدا ًل يبدأ بكلمة( :لنتخيل) ،ستتخيل هذه الرواية
عالمًا مغاي ًرا ،دنيا غير هذه الدنيا والناس لكن يحكمها
المنطق والتصورات الإنسانية ذاتها ،هذه الميزة تؤكد
بشكل واضح الميل نحو الجدال والنقاش ،ولعل هذا
الأمر هو ما جعلها رواية أصوات ،والصوت كما
هو معروف في النصوص الروائية هو عبارة عن
وجهة النظر مصحوبة بالسياق وبالمستوى المعرفي
للشخصية «يصف كاريل إيمرسون تعدد الأصوات
بأنها موقف تأليفي لا مركزي من شأنه أن يمنح
صلاحية لجميع الأصوات ،وقد استحدث ميخائيل
باختين هذا المفهوم».
للحصول على المصداقية والاقناع في جعل الفكرة
تدور على السنة الشخصيات بعي ًدا عن الرواية ،لجأت
الرواية إلى تقنيات عديدة ،لكن تجدر الإشارة إلى
أنها تحفظت تما ًما عن الاستعمال العامي أو الدارجة
المحكية ،من تلك التقنيات:
–1إفراد فصل خاص للساردة بالتناوب مع ما