Page 121 - merit 40 apr 2022
P. 121

‫نون النسوة ‪1 1 9‬‬

‫ميخائيل باختين‬    ‫جيرار جينيت‬                      ‫الحاجة إلى شرحها أو تفصيلها لأنها تحمل الإطار‬
                                                                       ‫الدلالي والفكري الخاص بها‪.‬‬
‫المخيال العام للفردوس بعدة أمور‪ :‬منها إلغاء فكرة‬
   ‫ولفظ الموت‪ ،‬إباحة العلاقات الحميمة‪ ،‬الوفرة في‬              ‫ثان ًيا‪ :‬المرويات‬
   ‫الطعام والشراب‪ ،‬والذهب الذي يبدو بدون قيمة‬
        ‫حقيقية هناك‪ ،‬فض ًل عن الأشجار الوارفة‪:‬‬       ‫نسجت أحداث هذه الرواية عبر توظيف لمرويات‬
                                                   ‫مكتوبة من الشخصيات مرر خلالها منظور نفسي‬
 ‫«ربما كانوا جميعهم على حق؛ سلطان والشيخ‬
‫بيدر وجميع أهل النبع المقدس‪ ،‬وأن هذه الأرض‬           ‫اختزل ‪-‬ضمن اشتغاله السردي‪ -‬خطا ًبا يفسح‬
 ‫هي الدنيا بدون زيادة أو نقصان‪ ،‬وأن حكايتي‬             ‫المجال لتعدد الرؤى‪ ،‬لأنه لا يتبنى يقينًا ما‪ ،‬بل‬
                                                    ‫على العكس يحاول جاه ًدا عبر هذه الرحلة خلخلة‬
       ‫وحكايتها قبل وصولنا لم تكن إلا محض‬          ‫الأسس الثابتة والنظر إلى الأمور من زوايا مختلفة‬
     ‫خيال‪ ،‬أو كما يقولون أضغاث أحلام‪ .‬أقول‬        ‫يخلقها الخيال‪ ،‬جاع ًل الكلمة العليا دائ ًما لمفاهيم غير‬
  ‫لها إن السحرة وشيخهم ومعهم الست كسيبة‬            ‫تلك التي سادت في مرحلة معينة من مراحل كتابة‬
     ‫يعيشون الآن في الجنة بالفعل كما وصفها‬           ‫الرواية العربية‪ :‬مثل الانحياز للعدالة أو الحق أو‬
     ‫مشايخنا في الجوامع؛ هم هناك لا يخشون‬          ‫البطولة الأخلاقية‪ ،‬بل جاءت كاسرة لكل التوقعات‬
‫شي ًئا ولا ينتظرون شي ًئا ولا يتعاركون على أي‬      ‫المثالية‪ ،‬فالبطل ألهم الذي اتهم بالقتل ظل ًما مرتين‪:‬‬
  ‫شيء‪ ،‬هم لا يفكرون بالماضي ولا الحاضر ولا‬           ‫مرة بقتل أخوة مريم حبيبته‪ ،‬ومرة بقتل النحات‬
  ‫المستقبل‪ ،‬هناك تتسع أعمارهم وتزيد‪ ،‬نهارهم‬         ‫في النبع المقدس‪ ،‬سيقوم في النهاية بفعل قتل غير‬

                        ‫طويل وكذلك ليلهم»(‪.)8‬‬                           ‫مبرر‪ ،‬فيقتل زوجته جميلة‪.‬‬
                                                     ‫المروية هي حكاية تدخل ضمن السرد‪ ،‬في الغالب‬
                        ‫ثان ًيا‪ -‬مروية لبيبة‪:‬‬       ‫تكون تاريخية أو وثائقية‪ ،‬لها تقنية معينة تمكنها‬
‫تكون هذه المروية صورة أو مرآة عاكسة لوضع‬
                                                       ‫من توجيه السرد بوصفه خطا ًبا مضم ًرا نحو‬
  ‫الغريب في النبع المقدس عبر صوت ابنة الكبير‬        ‫غايته الأساسية‪ ،‬في رواية (الحديقة المحرمة) نجد‬
  ‫الثانية (لبيبة)‪ ،‬وتبدو قادرة تما ًما على تحريك‬  ‫مرويتين‪ ،‬وهما ليستا مدونات تاريخية أو وثائقية‪،‬‬
                                                     ‫لكن المسافة النفسية والفكرية الكبيرة بين عوالم‬

                                                      ‫الرواية هي من جعلت تلك المدونات تعمل ضمن‬
                                                                              ‫فكرة قصة الإطار(‪.)5‬‬
                                                                               ‫أو ًل‪ -‬مروية ألهم‪..‬‬

                                                    ‫مروية التيه الغرائبي في عالم غير محدد‪ ،‬في بقعة‬
                                                  ‫من الأرض يعيش فيها شعب يختلف بكل شيء عما‬

                                                    ‫هو معتاد‪ ،‬أو عن الحياة التي كان يعيشها البطل‪،‬‬
                                                  ‫ولأن أصدق الحبكات هي أكثرها بع ًدا عن المعتاد(‪،)6‬‬

                                                      ‫كانت مروية (ألهم) عالمًا ساح ًرا للقارئ يسحبه‬
                                                        ‫دون أن يشعر للمتابعة عبر تشويق وغرائبية‬

                                                   ‫ممتدة بين الوصف والأحداث والصراعات وغرابة‬
                                                      ‫العلاقات‪ ،‬وعلاوة على ذلك فان «دلالات الحبكة‬
                                                      ‫تحمل أبعا ًدا ثقافية أكثر من اهتمامها بالنواحي‬
                                                      ‫البلاغية والشكلية»(‪ ،)7‬مثلت مروية ألهم شر ًحا‬
                                                     ‫وتفسي ًرا للرحلة نحو جنة افتراضية تشترك مع‬
   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126