Page 131 - merit 40 apr 2022
P. 131

‫نون النسوة ‪1 2 9‬‬                                                       ‫الغلاف‬

‫عش ٍق واحدة»‪ ،‬بل ماذا سيفعل الإنسان إذا وجد نفسه‬         ‫بسيط وغير معقد وكلاسيكي‪ ،‬وهو غلاف آمن‪ .‬فيه‬
‫أمام عوامل حرية كثيرة كحرية التحرك في مجتمعه أو‬              ‫ثلاثة عناصر على ثلاثة أبعاد‪ .‬على ما يبدو رجل‬
‫البيئة الموجود فيها وحرية المأكل والجنس‪ .‬ونقرأ ذلك‬
                                                         ‫وامرأة أمامهما جبال وبعدها حديقة كثيفة الخضرة‬
  ‫في صفحة ‪ 40‬من الرواية وبها مظاهر هذه الحرية‪.‬‬           ‫والأشجار‪ .‬في محاولة لتخصيص رسم خيال محدد‬
         ‫هناك سرد لعالمين يعيشان مع بعضهما لكن‬           ‫وهو المكان الذي يعد بداية بناء سرد الرواية بواقعها‬

     ‫منفصلان‪ ،‬وحتى العالم الواحد منقسم على ذاته‬               ‫المتخيل والواقعي‪ .‬وهو لخص الفكرة الرئيسية‬
  ‫ويفصل بينهما فتحة أو ممر‪َ ،‬من يجده يصبح داخل‬          ‫للرواية في معنى واضح‪ .‬الألوان مناسبة للعناصر إلا‬
 ‫أحدهما‪ ،‬ونجد أن لكل عالم مبررات وجوده وقوانين‬
   ‫خاصة تحكمه‪ .‬في دلالة المقارنة بينهما لاستخلاص‬           ‫أن الرجل والمرأة ليس لهما ملامح محددة‪ ،‬بل هما‬
                                                         ‫«سلويت» في الظلام دلالة المصير المجهول‪ ،‬ومصدر‬
    ‫تفسير وتبرير لتأييد الحياة واستمرار وجود هذا‬         ‫النور يأتي من الطريق الذي سوف يمشيانه إذا ظ َّل‬
                                  ‫الكائن في عالمه‪.‬‬
                                                            ‫م ًعا‪ .‬أما الخط الذي كتب به عنوان الرواية واسم‬
        ‫مبحث ملامح التجريب‬                              ‫الكاتبة فهو خط ديواني‪ ،‬ومن خصائصه جماله الذي‬
        ‫وسيمائيته في الرواية‬
                                                          ‫يستمده من انسياب حروفه المستديرة ولينها وهذا‬
    ‫نجد الكتابة تجريبية عجائبية‪ ،‬حيث تم صنع عالم‬                              ‫أعطي قيمة جمالية للغلاف‪.‬‬
    ‫كامل متخيل ومختلف داخل عالم سرد النص‪ ،‬في‬
   ‫حالة من مزج العالم الواقعي الذي نعرف له شك ًل‬        ‫«السيميائية تهتم بكل ما ينتمي إلى التجربة الإنسانية‬
  ‫جغرافيًّا من تحديد موقعه واسمه‪ ،‬فهو في الصحراء‬          ‫العادية شريطة أن تكون هذه الموضوعات جز ًءا من‬
     ‫واسمه نجع الزرايب وبه مباني حديثة ومصرف‬
    ‫وقنطرة‪ .‬نقرأ ص‪« :63‬أتذ ّكر اهتزاز جدران بيتنا؛‬      ‫سيرورة دلالية» سعيد بنكراد‪ ،‬السيميائيات مفاهيمها‬
‫أ ّول بي ٍت في النجع مبني بالطوب الأحمر»‪ .‬بل به أي ًضا‬         ‫وتطبيقاتها‪ ،‬دار حور للنشر والتوزيع سوريا‬
     ‫سلطات وشرطة وسجن‪ ،‬نقرأ في ص‪« :101‬ليس‬                                          ‫اللاذقية‪ ،‬ط ‪ 3‬ص‪.28‬‬
     ‫سجنًا له قضبا ٌن وغر ٌف ُم ْقبض ٌة كالتي في مركز‬
    ‫شرطة نجع الزرايب»‪ ،‬بمزج مع العالم المتخيل من‬            ‫والنص هو مجموعة من العلامات التي تظهر في‬
  ‫خلال فتحة عبر منها «ألهم»؛ بطل القصة‪ .‬نقرأ ذلك‬         ‫ضوء طبيعة الإنسان ‪-‬الكاتب والشخصيات المكتوبة‬
   ‫في وصف هذا العالم ص‪ 36‬و‪ 37‬على سبيل المثال‪.‬‬           ‫والمتلقي‪ -‬مع عالمه الخارجي‪ .‬والمنهج السيميائي يهتم‬
     ‫فتظهر للمتلقي كثرة الانتقالات الزمنية والمكانية‬    ‫برصد ودراسة هذه العلامات وذلك لأنها تمنح النص‬
  ‫وتداخل تأثير الشخصيات‪ ،‬وتذويب مدلولات الحياة‬
 ‫في سياق تحولات كتابية في سرد أحداث الرواية على‬                 ‫قوته الدلالية مع الكثير من المعاني المحتملة‪.‬‬
 ‫صعيد اللغة والرؤية والوصف‪ ،‬في محاولة فهم الذات‬               ‫وتمثل أحداث رواية «الحديقة المحرمة» للكاتبة‬
‫البشرية‪ .‬وكتابة عوالم خيالية متداخلة مع عالم واقعي‬          ‫د‪.‬سهير المصادفة الصادرة عن المجموعة الدولية‬
   ‫في حالة من تقنية كتابة الصدمة التي تحمل المتلقي‬          ‫للنشر والتوزيع‪ ،‬جدلية صراع الوجود الإنساني‬
 ‫من عالم إلى عالم آخر‪ ،‬بل من عالمه الخاص إلى عوالم‬
                                                                ‫والصراعات الأزلية بين الخير والشر‪ ،‬الحب‬
                                         ‫أخرى‪.‬‬            ‫والكره‪ ،‬بين القبح والجمال‪ ،‬وبين القوة والضعف‪،‬‬
  ‫ومن الملامح كذلك كسر تراتبية الخط السردي‪ ،‬بل‬
  ‫كسر سلسلة الزمن ودمج الزمن الحقيقي مع الزمن‬                ‫العدل والظلم‪ ،‬قمع وحرية‪ ،‬حاكم ومحكوم‪ ،‬بين‬
‫المتخيل مع الزمن الهلامي أو الزمن النفسي للأحداث‪،‬‬         ‫مزايا ومساوئ الفطرة والبدائية من جهة‪ ،‬والتمدن‬
                                                         ‫والتحضر من جهة أخرى‪ ،‬وتناقش فكرة مهمة وهي‬
     ‫ووضع أكثر من عقدة في صراع الشخصيات في‬                 ‫الاختيار؛ اختيارات الإنسان وما يتبعها من تحديد‬
                                                          ‫مصير معين‪ .‬نقرأ في آخر سطور الرواية ص‪255‬‬

                                                            ‫«أتأ ّمل وقفتها بعد خروجها من الحائط‪ ..‬إل َّى وفي‬
                                                        ‫عينيها نصف المغلقتين بريق ال ِّرضا بالمقسوم والثَّمن‬

                                                            ‫الباهظ الذي دفعته طوال أربعين عا ًما‪ ،‬مقابل ليل َة‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136