Page 181 - merit 40 apr 2022
P. 181

‫حول العالم ‪1 7 9‬‬

        ‫لا يتزعزع‪ .‬ويحاجج‬            ‫الكثير من أنصار التعددية‬                ‫الطرفان الثقافات أو‬
‫البروفيسور كيمليكا في كتابه‬        ‫قد انزلقوا إلى لغة الاستبعاد‪.‬‬         ‫الحضارات بأنها كائنات‬
                                                                       ‫متجانسة‪ .‬ويصر الطرفان‬
  ‫سياسات التعددية الثقافية‬              ‫ولعل إيسيا بيرلين من‬
      ‫حق الثقافات في حماية‬          ‫الفلاسفة البارزين للتعددية‬              ‫على الأهمية القصوى‬
     ‫شخصياتها الفريدة من‬           ‫الحديثة‪ ،‬وكان له تأثير كبير‬              ‫للهوية الثقافية‪ ،‬وعلى‬
                                                                        ‫ضرورة الحفاظ على هذه‬
‫التغيرات الطارئة من الخارج‪،‬‬           ‫على حامل شعلة الليبرالية‬         ‫الهوية‪ .‬ويدرك الطرفان أن‬
     ‫فيقول «إنه من الحقيقي‬            ‫الكندية‪ ،‬مايكل ايجناتيف‪،‬‬        ‫الصراعات التي يتعذر حلها‬
                                                                      ‫نابعة عن قيم غير متكافئة‪.‬‬
 ‫والسليم أن تتغير شخصية‬                   ‫فقد حاور الفيلسوف‬                ‫ولا يقتصر اللجوء إلى‬
    ‫الثقافة نتيجة لاختيارات‬            ‫السياسي ستيفن لوكس‬                ‫هذه التيمات على أنصار‬
                                       ‫بيرلين قبل وفاته بوقت‬          ‫التعددية الثقافية ومحاربي‬
  ‫أفرادها»‪ ،‬ولكن «على الرغم‬            ‫قصير‪ ،‬وسأل لوكس ما‬             ‫صدام الحضارات‪ ،‬فاليمين‬
     ‫من أن التعلم من العالم‬          ‫إذا كان من الممكن لشعوب‬              ‫المتطرف‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬قايض‬
                                      ‫الثقافات المختلفة التعايش‬           ‫خلال السنوات الأخيرة‬
  ‫الأكبر أمر محمود»‪ ،‬إلا أنه‬        ‫م ًعا؟ وجاء رد برلين قائ ًل‪:‬‬      ‫بشكل متزايد لغة الاختلاف‬
 ‫يصر أن الأمر يختلف تما ًما‬          ‫«عندما يكون هناك شعبين‬             ‫البيولوجي القديمة مقابل‬
  ‫عندما «تتعرض للغمر به»‪.‬‬          ‫من أصول وثقافات مختلفة‪،‬‬           ‫لغة الهوية الثقافية الجديدة‪.‬‬
                                     ‫فمن الصعب عليهما الحياة‬          ‫أي أن في قلب هجوم اليمين‬
    ‫وتعد هذه عبارة موحية‪،‬‬           ‫م ًعا في سلام‪ ،‬ومن الطبيعي‬           ‫المتطرف والشعبوية على‬
   ‫فالخوف من «الغمر» كان‬           ‫أن يفكر كل من الجانبين أنه‬        ‫التعددية الثقافية هناك دفاع‬
‫دائ ًما مجا ًزا يلجأ إليه اليمين‪،‬‬   ‫غير قادر على الحياة بحرية‬          ‫عن «ثقافتي»‪ ،‬و»تاريخي»‪،‬‬
 ‫فيستخدم لإشعال المخاوف‬                ‫في مجتمع مدمج إن كان‬
 ‫من الهجرة‪ .‬وهي كلمة تمثل‬            ‫الآخرون حاضرون بأعداد‬                            ‫و»تراثي»‪.‬‬
 ‫لب الهيستيريا الحالية حول‬             ‫كبيرة»‪ .‬وأضاف بيرلين‬                ‫لنستمع إلى اللغة التي‬
 ‫الإسلام‪ .‬وعلى الرغم من أن‬          ‫أن هجرة السود إلى أوروبا‬            ‫استخدمها بريفيك‪ .‬فأثناء‬
 ‫البروفيسور كيمليكا ليبرالي‬         ‫الغربية مثَّل «مشكلة» وذلك‬             ‫محاكمته‪ ،‬قال بريفيك‬
                                    ‫لأن «الثقافات التي كانت قد‬           ‫إن التعددية الثقافية هي‬
     ‫حتى النخاع‪ ،‬وحازم في‬          ‫تطورت دون اتصال ببعضها‬                  ‫«أيديولوجية كراهية»‪،‬‬
   ‫معاداته لكافة الحجج التي‬         ‫البعض‪ ،‬كانت الآن في حالة‬           ‫ورثى أنها «تفكك الثقافات‬
‫تساق ضد الهجرة والإسلام‪،‬‬                                             ‫الأوروبية وتقاليدها»‪ ،‬ورأى‬
   ‫إلا أنه عندما يصبح الأمر‬                         ‫اصطدام»‪.‬‬             ‫في نفسه شخ ًصا يتحرك‬
  ‫مبدأ سياسيًّا ينص على أنه‬          ‫وليس بيرلين الوحيد الذي‬          ‫«من أجل الدفاع عن ثقافتي‬
   ‫لا ينبغي أن يغمر الدخلاء‬          ‫يحاجج من خلال التعددية‬             ‫وأهلي»‪ .‬لعل هذه هي لغة‬
    ‫ثقافة ما‪ ،‬فإنه يصبح من‬           ‫الثقافية بضرورة «ابقائهم‬          ‫الثقافة والهوية التي بذلت‬
‫الصعب بمكان أن يحدد المرء‬                                            ‫التعددية الثقافية جه ًدا جهي ًدا‬
  ‫كيفية مقاومة حجج اليمين‬              ‫بعي ًدا»‪ ،‬فربما ورث ويل‬          ‫لتعزيزها خلال السنوات‬
                                        ‫كيمليكا‪ ،‬الذي ألقى تلك‬
          ‫المناهضة للهجرة‪.‬‬         ‫المحاضرة منذ أربع سنوات‪،‬‬                            ‫الأخيرة‪.‬‬
 ‫إن سخرية الجدل المستقطب‬             ‫عن بيرلين عباءته باعتباره‬        ‫فإن كان اليمين المتطرف قد‬
                                     ‫فيلسوف التعددية الثقافية‬
      ‫في أوروبا إنما نتاج أن‬         ‫الأهم والأكثر إقنا ًعا‪ ،‬فكان‬       ‫تقمص لغة التعددية‪ ،‬فإن‬
‫الهجوم على التعددية الثقافية‬           ‫مفك ًرا فصي ًحا‪ ،‬وليبراليًّا‬

  ‫كثي ًرا ما يمارس من خلال‬
  ‫لغة التعددية الثقافية‪ ،‬ولعل‬

     ‫الاتهام الأعظم للتعددية‬
   ‫الثقافية هو أنها عملت على‬
   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186